فتح بغداد وانهيار الدولة العباسية

Posted by on Aug 14, 2012 in Library, دراسات سريانية | Comments Off on فتح بغداد وانهيار الدولة العباسية

في سنة 750 م ( 132 هجرية ) سقطت الدولة الأموية التي دامت 91 سنة وانتقلت الخلافة الى العباسيين . وأول من جلس منهم على سرير الخلافة أبو العباس السفاح عم الرسول . وكانت بغداد عاصمة ملكهم بناها سنة 762 م ( 145 هـ ) الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور وسماها مدينة السلام . ولهذه الدولة ثلاثة أعصر :

العصر الأول

 يبتدئ بقيام الدولة وينتهي بخلافة المتوكل وهو الدور الذهبي فيه بلغت الفتوحات الإسلامية أقصاها ووصلت العلوم إلى أوج مجدها خاصة في دور الرشيد والمأمون.

العصر الثاني

 يبتدئ بمقتل المتوكل وينتهي بانحلال الدولة وفيه هبط مجد العباسيين وأخذوا في الانحطاط واستبد الأتراك بالخلفاء حتى آل الأمر إلى انحلالها وقيام ممالك إسلامية صغرى على أنقاضها كالدولة الاخشيدية والأدريسية ودولة بني بوية وبني سامان وبني حمدان وغيرهم ولم يبقَ للعباسيين سوى السيادة الدينية فانها لبثت نافذة في كل البلاد الاسلامية , فبأسمائهم كانت تضرب النقود وتقرأ الخطبة . ويمتد هذا العصر الى خلافة القاهر بن المقتدر سنة 932 .

العصر الثالث

 وهو عصر الانحلال ينتهي بفتح هولاكو خان المغولي بغداد سنة 1258( 656 هـ )الذي قتل الخليفة المستعصم بالله وهو آخر خلفاء العباسيين.

وبما أن انقراض الدولة العباسية تمّ على يد هولاكو خان بفتحه بغداد عاصمة العباسيين رأينا أن نكتب نبذة مفصلة عن فتح بغداد وما جرى بعد فتحها والى من انتقلت :

بينما كانت أحوال الدولة العباسية في انقسام واختلال ظهرت الدولة السلجوقية وأصلها عشيرة صغيرة كانت تقطن بلاد تركستان في السهول الواقعة شمالي بحر قزوين وأول رئيس معروف لهذه العشيرة كان يسمى ( بقاق ) الذي كان يعبد مع عشيرته النار والكواكب وتلقبوا بالسلجوقيين نسبة الى جدهم سلجوق ابن بقاق المذكور , الذي أقرهم في القرن العاشر للميلاد في بخارى حيث أسلموا وذلك في سنة 960 م ( 349هـ ).

ولما عظم شأنهم زحفوا على بلاد خراسان بجيش جرار سنة 1037 تحت راية طرغل بك حفيد سلجوق وهو أول سلاطينهم فاستولوا عليهاوعلى غيرها من الولايات الايرانية .  وفي سنة 1056 استولوا على  بغداد في زمن القائم بأمر الله ولكنهم لم يتعرضوا له بسوء واستقر طغرل بك بها تابعاً للخليفة العباسي . وبعد هذه الفتوحات دعا طغرل بك نفسه أمير الامراء وتزوج ابنة الخليفة المذكور ثم توفي وخلفه ابن أخيه ألب أرسلان ففتح الولايات  والأقاليم وتبعه ابنه مالك شاه فجعل أصبهان عاصمة مملكته التي كانت تمتد من الصين الى القسطنطينية.

ثم بعد ذلك بعشرين سنة نهض أحد خانات خراسان  بجيوش كثيرة واستخلص جميع الممالك السلجوقية فانقرضت واضمحلت وكانت مدة ولايتها 156 سنة وذلك من سنة 1038 الى سنة 1194 وفي زمانها كانت الخلافة باقية في بغداد تتعاطى الامور الدينية فقط ولم يكن لما كلمة نافذة في الامور السياسية.

وعند نهاية أحكام الدولة السلجوقية ظهر جنكيزخان – اسمه الأصلي تموجين وحول اسمه الى جنكيزخان ومعناه الملك الأعظم – الشهير وهو من قبائل المغول فدوخ جميع البلاد الاسلامية . ثم قام حفيده هولاكو خان وزحف بمئتي ألف مقاتل الى العراق ففتح طهران وأصبهان وهمذان . ثم في منتصف شهر المحرم من سنة 1258 ( 656 هـ ) نزل على بغداد فحاصرها وكان بدء القتال في الثاني والعشرين من محرم ولم يزل يحاصرها حتى افتتحها ودخلها بنفسه وقتل الخليفة المستعصم بالله وبذلك انقرضت الدولة العباسية وأمر  هولاكو خان بنهب المدينة وكانت مصيبة عظيمة على الاسلام لم يُسمع بمثلها قط .

ولم يبقَ من اسرة الخلفاء العباسيين سوى واحد فقطوهو المستنصر بالله الذي أخذ الأمانات النبوية الشريفة وأتى بها الى مصر وسكنها . وهنا نال مزيد الاكرام والاحترام من الملك الظاهر وهو من المماليك البحرية التي كانت تحكم مصر في ذلك الحين , حتى أن الملك الظاهر أمر ان تتلى الخطبة وتضرب النقود باسم الخليفة المستنصر بالله وبهذه الصورة تأسست خلافة عباسية جديدة في مصر وظهر منها 14 خليفة وآخرهم كان المتوكل على الله.

وفي سنة 1350  استولى السلطان  سليم الأول العثماني على مصر وأخذ معه في رجوعه الى الآستانة الخليفة المتوكل وهناك عقد السلطان مجلساً في آيا صوفيا فيه نهض المتوكل وصعد المنبر وبيّن لياقة واستحقاق السلطان سليم للخلافة . وبايعه اياها وذلك أنه نزع جبته الرسميّة التي عليه وألبسها للسلطان ومن هنا انتقلت الخلافة الى السلاطين العثمانيين .

أما بغداد فبقيت بيد هولاكو الى سنة  1336 م ثم تحولت الى دولة تترية أخرى تولتها الى سنة 1393 م ثم افتتحها تيمورلنك السفاح المشهور وبقيت بيده الى سنة 1511 م وما زالت تتناوبها أيدي العجم والعثمانيين الى ان استقرت بيد الدولة العليا على عهد السلطان مراد الرابع.