2
من هو أول مارون وما هي صلته بالموارنة؟ يدَّعي معظم الكتّاب الموارنة أن أول مارون كان ناسكاً من القرن الخامس وهو أب ” الأمة المارونية ” . ويدعمون رأيهم بالإشارة إلى مرجعين من النصف الأول للقرن الخامس . أحدهما رسالة كتبها على ما يفترض القديس الشهير يوحنا الذهبي الفم إلى مارون من منفاه في أرمينيا . يعبر الذهبي الفم عن مشاعره الوديّة نحو مارون وعن رغبته في المراسلة بشكل متكرر وهو أمر كانت تحول دونه صعوبة العثور على سعاةٍ . ويستفهم الذهبي بحرارة عن صحة مارون ويختتم طالباً منه أن يصلي من أجله.
الرسالة لسوء الحظ غير مؤرخة مما جعل الكتّاب الموارنة يتكهنون بشأن تاريخها . أدعى البعض بأنها كُتبت عام 404 أو 405 ، بينما ظن آخرون بأنها كُتبت ما بين 404 و 407 ، وهو العام الذي توفي فيه يوحنا الذهبي الفم . وقد اثبت كاتب معاصر ، هو يوسف مزهر ، تاريخ هذه الرسالة في عام 414 وهو خطأ ظاهر لأنه من غير الممكن أن يكون الذهبي الفم قد كتب رسـالة بعد سبع سـنوات من وفاته . مع ذلك يبدي مـزهر إدعاءً آخر لا يحتمل الصدق وهو أن إيمان مارون كان ” إيمانَ شخص كاثوليكي حقيقي ” لا إيمان ” هرطوقي مونوثيلي ” . يدَّعي مزهر أن الصديقين يوحنا الذهبي الفم والناسك مارون ، كانا متمسكين بمجمع خلقيدونية ، وقد دافعا بشدة عن تعريفه للإيمان . إن هذا لمستحيل ، طالما أن مجمع خلقيدونية التأم عام 451 ، أي بعد عدة عقود من وفاة الذهبي الفم المتوفي سنة 407 ووفاة مارون على الأرجح عام 410 .
ان الرسالة مدار البحث موجهة إلى شخص يدعى “مارون الناسك” دون مزيد من التعريف . وهذا ليس بالغريب إذ كانت عادة آباء الكنيسة الأوائل توجيه رسائلهم إلى أفراد يعرّفونهم برتبهم ووظائفهم الكنسية . ولهذا السبب فإنه من الممكن أن تكون هذه الرسالة المنسوبة إلى الذهبي الفم قد كُتبت إلى أي واحدٍ من عدة نسّاك يحملون اسم مارون عاشوا في سورية في القرن الخامس . بيد أن ما ينفي صحّة الرسالة كدليل ، هو لغتها المعممة والسطحية بحيث لا يمكن أن يكون كاتبها يوحنا الذهبي الفم وهو علاّمة في الكتاب المقدس وخطيب مفوّه بارز . ان الذهبي الفم يشير فيها إلى مارون كقسيس مع العلم انه ليس هناك من دليل أن ناسك القرن الخامس مارون قد شغل يوماً مثل هذه الرتبة الكنسية . حتى وإن اتفقنا مع الكتّاب الموارنة بأن مارون هذا كان صديقاً ليوحنا الذهبي الفم ، فهذا يدل فقط على أنه كان للذهبي الفم صديقٌ ناسك ورع يُدعى مارون ولكننا لا نعرف عن مارون هذا شيئاً يتعدّى صداقته المزعومة للذهبي الفم ، كما لا نعرف شيئاً عن فعالياته أو شهرته كناسك عظيم . فالرسالة اذن موضع شك كبير بحيث لم يستطع حتى البطريرك الدويهي أن يحدّد مصدر أية علاقة ممكنة تربط بين الذهبي الفم ومارون . بل لم يستطع العثور على دليل مدوّن من أي نوع كان . إلا أن الدويهي يتكهّن بأن الذهبي الفم ربما كان رفيق دراسة مارون في أنطاكية قبل أن يتبنى كلاهما الحياة النسكية ، أو قد يكون الذهبي الفم قد زار سورية ، عندما كان يتبوأ كرسي القسطنطينية البطريركي لتقريع أولئك الذين عبدوا الشمس ، وربما انه قد التقى بمارون وصـارا صديقين . من الواضح ان هذه المزاعم ليست ذات قيمة تاريخية.
أما المصدر الثاني الذي يستشهد به الكتّاب الموارنة لتأييد ادعائهم بأن مارون القرن الخامس كان ” أب ” كنيستهم وطائفتهم ، وأنه نفس مارون المقترن بيوحنا الذهبي الفم ، فهو التاريخ الكنسي لثيودوريطس ، أسقف قورش (ت 458) . كان ثيودوريطس طالباً في مدرسة ثيودور المصيصي اللاهوتية (ت 427) ومعارضاً قوياً للقديس كيرلس بطريرك الاسكندرية الذي نافح عن الارثودكسية في مجمع أفسس (431) . وقد اصبح ثيودوريطس ، وهو تلميذ مدرسة أنطاكية اللاهوتية والمتأثر إلى حد كبير بتعليم ثيودور المصيصي ، ناشطاً جداً في الجدل المتأجج الذي جرى بين نسطور صديقه الحميم وكيرلس . وقد دافع ثيودوريطس عن هرطقة نسطور بحماس مع أنه اضطر في النهاية على إدانته في مجمع خلقيدونية عام 451.
كان ثيودوريطس علاّمةً ولاهوتياً معروفاً وكاتباً غزير الانتاج . ويضم تاريخه الكنسي سيرة حياة ثلاثين ناسك ومتوحد ، كان ثيودوريطس على معرفة ببعضهم شخصياً . ولكن المهم هو ان ثيودوريطس يتحدث في هذا الكتاب عن حياة التقشّف لأحد النسّاك المسمى مارون .
ان أهمية رواية ثيودوريطس عن مارون هي أنها المصدر الوحيد الذي يصف الحياة النسكية لشخص يُدعى مارون . كان ثيودوريطس معاصراً لمارون ، وليس هناك من سبب في الشك بصحة روايته عنه ، بالرغم من عدم وجود اتصال شخصي به وان معرفته عن مارون كانت عن طريق يعقوب ، وهو احد اتباعه . يخبرنا ثيودوريطس بأن مارون حين قرر أن يعيش حياة التـقشف ، ارتقى جبلاً في مقاطعة قورش حيث كان هناك معبد وثني مهجور كرَّسه لعبادة الله وزاره مراراً . وبنى مارون كوخاً بسيطاً إلى جانب المعبد إلا أنه أقام فيه مدة وجيزة فقط . وفي فترة وجيزة اصبح مارون معروفاً بزهده وتـقواه ومقدرته على الشفاء وهو ما جذب الناس إليه من كافة انحاء سورية . وبسبب قدرته الإلهية التي ذاع صيتها ، فقد أشيع بأن الشياطين نفسها تحاشت حضرته . وعندما توفي تناحر مناصروه لحيازة جثمانه ، الذي تـقرر مصيره أخيراً عندما تمكنت إحدى المجموعات المتناحرة من الاستيلاء على الجثمان وبناء معبد في موقع دفنه . يقول ثيودوريطس أن الناس ، استمروا ، حتى في أيامه ، في الاحتفال بذكرى مارون.
لا يذكر ثيودوريطس تاريخ وفاة مارون أو إذا قام هو نفسه يوماً ما بزيارة مدفنه . بل ان بقية حياته التي كتبها موجزة جداً ، وتُعتبر ، لدى مقارنتها برواية ثيودوريطس نفسه لسيرة حياة القديس سمعان العمودي أو حتى يعقوب ، وهو أحد اتباع مارون ، هزيلة . فهو لا يعطي مارون مكاناً خاصاً أو ميزةً لحياة التـقشف التي مارسها ألوف الرهبان والقديسين في الصحراء المصرية الغربية او في بلاد ما بين النهرين.
يضم تاريخ النسك في القرون القليلة الأولى في الكنيسة الشرقية نسّاكاً ذائعي الصيت مثل باخوميوس ، أنطونيوس ، أوجين ، مكاريوس ، القديس أفرام ، القديس سمعان العمودي ، القديس برصوم (رئيس النسّاك) ، القديس متى (متى الابجرشاطي ، الذي مازال ديره قائماً قرب الموصل في العراق ، حتى هذا اليوم) ، والعديدين غيرهم . لكن ما خلا رواية لثيودوريطس الموجزة عن مارون ، لا يعرف شيء آخر عنه بالرغم من ادعاء معظم العلماء الموارنة أن ناسك القرن الخامس هذا هو ” الأب ” لطائفتهم . وما يميز هذا الادعاء على وجه الاخص هو الصورة الخيالية المدرجة في تاريخ الدويهي والتي كتب تحتها ” القديس مارون ، أبو الطائفة المارونية ” . أما المطران يوسف الدبس فإنه يفتتح توطئة كتابه الجامع المفصل بالقول: ” لذا ، نبدأ تاريخ الموارنة بمناقشة القديس مارون ، الذي يعتبر أبَ هذه الطائفة وشفيعها ” .
تدل رواية ثيودوريطس عن مارون على أنه كان واحداً من حشدٍٍ من الرهبان والزهّاد في سورية في القرنين الرابع والخامس . وكما تمَّ تبيانه سابقاً ، ليس هناك في تاريخ ثيودوريطس ما يوحي بأن مارون كان قد تمتع بمثل هذه الدرجة من التـقوى التي تكسبه المكانة المرموقة التي نسبها إليه كتّاب موارنة لاحقون . ففي الوقت الذي يجعل الدويهي منه “رئيساً لسائر النسّاك والأديرة في مقاطعة قورش ” ، نجد كاتباً مارونياً معاصراً ، هو الأب بطرس ضو يذهب خطوة أبعد بالادعاء بأن الناسك مارون كان ” رئيس مدرسة مميزة في النسك ” .
يستـشهد الأب بطرس ضو ، بكتاب انطاكية الوثنية والمسيحية لمؤلفه أ .ج . فيستوجير A . J . Festugiere الذي يقول بأن مارون كان أول من مارس العيش في العـراء في سورية معرضاً نفسه لقسوة عوامل الطبيعة . وبأن بعض الزهّاد في مقاطعة قورش في سورية الشمالية قد تبنوا هذا النمط من العيش ، وخاصة الرهبان العموديين ، الذين اختاروا العيش على رؤوس الأعمدة ، وأشهرهم سمعان العمودي ( ت 459 ) . يقول الأب ضو أن فيستوجير يعتبر القديس سمعان تلميذاً في مدرسة النسك التي أسسها مارون . والظاهر ان الأب ضو قد أساء فهم ما قاله فيستوجير بل تـفتقر هذه النظرية ، التي تعتبر مارون مؤسس “مدرسة نسكية ” ، آلت إلى نشوء حياة نسكية شديدة الصرامة ، إلى إثبات تاريخي . إن النقطة التي يحاول فيستوجير على الأرجح ابداءها هي أن الأسلوب النسكي بالعيش في العراء أو على قمة جبل قد تكون أدت ببعض المتوحدين إلى الأخذ بالعيش على رؤوس الأعمدة ، مع أن هذا القول ، أيضاً ، هو مجرد تخمين . يقول فيستوجير ما ملخصه : إن الكثير من النسّاك كانوا يعيشون في العراء . ولكن الذين اتخذوا طريقة العيش على الأعمدة يمثلون أقصى درجات النسك.
وبعد الاستـشهاد بأسماء هؤلاء المتوحدين في نفس الفقرة يتابع فيستوجير القول : من المحتمل ان الذي أنشأ هذا النوع من النسك هو مارون الذي كان لديه عدّة تلاميذ منهم يعقوب وليمنايس.
من الواضح ان فيستوجير لا يربط بين الناسك مارون وسمعان العمودي بل لا يلمِّح إلى الأخير ابداً . غير ان الأب ضو يقتطف الملاحظة أعلاه خارج الياق لإثبات قوله بأن القديس سمعان العمودي كان ” مارونياً رائداً ” . فهو يقول :
هذا القديس العظيم هو واحد من الموارنة الرواد الشجعان . بدأ التنسّك متبعاً الطريقة المارونية بعد أن طُرد من دير تلعدا… ورغبة منه في الحصول على أعلى درجة في النسك ، عاش أولاً في العراء على غرار القديس مارون ، ثم انتقل إلى أعلى عمود . وهكذا ، كان النسك الماروني أسمى غاية في حياته ، كما كان الغاية الأسمى في الحياة الرهبانية حسب ما تمسك به فيستوجير.
لا يوجد دليل تاريخي يدعم هذا القول . هناك سيرتان لحياة القديس سمعان العمودي باللغة السريانية إلى جانب ما رواه عنه ثيودوريطس وأيفاغريوس ، لا تذكر أي منهما مارون أو تلمح إلى أيّة صلة بينه وبين سمعان العمودي . فضلاً عن ذلك ، من غير الممكن أن تكون مثل هذه العلاقة قد فاتت انتباه المستشرق الألماني ثيودور نولدكه الذي كتب بشكل جازم عن حياة العديد من القديسين السريان ، ومنها حياة القديس سمعان العمودي . ومع ذلك يدَّعي الأب ضو أن كل الرهبان العموديين ، لا سمعان العمودي ، فقط كانوا ” تلامذة مارون . ولكنه يبدو خارجاً جداً عن الصدد عندما يتحدث عن تأثير القديس سمعان العمودي على ” الأمة المارونية ” والتاريخ الماروني فيقول : كان للقديس سمعان العمودي تأثيراً عميقاً على تاريخ الموارنة والروحيين من الموارنة . كان هذا القديس ومازال منبع البطولة في الأمة المارونية ويشهد له بهذا العددُ الكبيرُ من الأتـقياء الذين أضحى لديهم الدافع على محاكاة حياته النسكية . أصبحت روحانيته عنصراً أساسياً في الازدهار الروحي الماروني .
يفتقر هذا الحكم إلى أساس تاريخي ويعتمد بدوره على فيستوجير الذي حاول فقط إثبات أن الأسلوب الرهباني في العيش في العراء الذي بدأه مارون قد يكون دفع بنسّاك آخرين إلى العيش في العراء أو على رؤوس أعمدة لا في الصوامع . إن ربط القديس العمودي ” بالأمة المارونية ” هو محض خيال.
رأينا بأن ثيودوريطس لا يذكر وجود صلة بين القديس سمعان العمودي والناسك مارون . كما أن قوزما ، كاتب سيرة القديس سمعان ، لا يُـشير إلى أية علاقة من هذا القبيل . يقول قوزما بأن العديد من الناس الوثنيين من جبل لبنان زاروا القديس وشكوا له من مخلوقات شريرة أو وحوش مفترسة تهاجم الناس وتلتهمهم . عاثت هذه المخلوقات الشريرة بالبيوت ، واختطفت الأطفال والرضع من صدور أمهاتهم وقتلتهم . أخبرهم القديس بأن الله قد سلمهم للوحوش لأنهم كانوا قد تخلّوا عنه ، وبأن عليهم أن يطلبوا من آلهتهم أن تخلصهم . ويتابع قوزما قائلاً بأن القديس رقَّ لهم أخيراً ، بعد أن استمروا بالتوسل باكين ، قائلاً: بأنه سوف يصلي من أجل خلاصهم إن وعدوا بأن يهجروا عبادة الأوثان الكاذبة ويعودوا إلى الله المسيحي . وهذا ما وعدوا القيام به . حينئذٍ أشار عليهم القديس بأن يضعوا على حدود كل قرية أربعة حجارة ، محفور على كلِّ واحدةٍ منها ثلاث إشارات للصليب ، وأن ينتظروا ثلاثة أيام . وعندما قاموا بذلك وعادت الوحوش لترى هذه الحجارة ، كما تروي القصة ، هرب بعضها بعيداً معولاً وصارخاً ” الويل لك ، يا سمعان ، ماذا فعلت بنا ” . ومن ثم قبل أهل جبل لبنان المعمودية واعتنقوا المسيحية من اجل هذه الأعجوبة التي اجترحها القديس سمعان .
من الواضح أنه ليس لهذه الحكاية المنتحلة صلة بالموارنة وتاريخهم أو باهتدائهم إلى المسيحية . فهي لا تنبئ بأن القديس سمعان بشرَّ بالمسيحية في لبنان كما يدَّعي بعض الكتّاب الموارنة ، كما أنها لا تدل على وجود جماعة مارونية في لبنان في القرن الخامس.
من الصحيح أن المسيحية وجدت طريقها إلى لبنان بعد القرن الأول ، إلا أن الكنيسة المسيحية لم تثَّبت موطيء قدم قوي لها في ذلك البلد حتى القرن الرابع . فقد انتـشرت المسيحية ببطء شديد ، وخاصة في المناطق الجبلية حيث كانت الوثنية قوية ولم تصبح في موقف دفاعي حتى زمن الإمبراطور جوليان الجاحد 361 ـ 363 . من المحتمل إلى حدٍّ كبير ايضاً أن يكون الأهالي ، الذين هاجمتهم الوحوش واستـنجدوا بالقديس سمعان لانقاذهم ، وثنيين من المناطق الجبلية في لبنان . إن قول المستشرق الألماني ثيودور نولدكه ” من المحتمل أن يكون الموارنة ، كما يعتقدون ، هم المنحدرون من المهتدين الذين قبلوا المعمودية بعد أن اعتقتهم ابتهالات سمعان من عبث الوحوش المفترسة ” ، هو عبارة عن تكهّن ويفتقر إلى بيِّنة تاريخية .
لا يحاول الأب بطرس ضو أن يجعل القديس سمعان العمودي تلميذاً لمارون ، ومديناً لمارون بأسلوبه في النسك فحسب بل يزعم أيضاً بأن مبنى الكنيسة العظيم المقام في الموقع الذي عاش فيه العمودي كان مارونياً كما كانت الأديرة الموجودة في جواره مارونية ، أي تحت الولاية والسلطة المارونيتين . ويجزم بأن كنيسة أنطاكية كانت في القرن الخامس منقسمة إلى جماعتين: جماعة الخلقيدونيين وجماعة المونوفيزيين (أصحاب الطبيعة الواحدة) ، الذين رفضوا مراسيم مجمع خلقيدونية . هذا صحيح إلا أن الاب ضو يتابع قائلاً: بأن هذه الكنيسة انقسمت مرة أخرى في النصف الأول من القرن الثامن إلى الملكيين ، كنيسة أنطاكية ، التي قبلت مجمع خلقيدونية ، والموارنة . وبعد هذا الانقسام ، بقيت كنيسة القديس سمعان والأديرة الموجودة في جوارها مارونية . فهو يقول : قبل الانقسام ، كان الجزء الخلقيدوني من كنيسة انطاكية ، وخاصة الجزء الذي كانت لغته هي السريانية ، تحت قيادة دير مارون ، وبالتالي فقد اقتدت الأديرة والكنائس الخلقيدونية التي كانت لغتها هي السريانية ايضاً بدير مارون في دفاعها عن الصيغة الخلقيدونية في الإيمان.
يفتـقر قول الأب ضو إلى البرهان التاريخي وخاصة قوله أن الجزء الخلقيدوني من كنيسة أنطاكية كان منقسماً إلى جزء ماروني وآخر ملكي . والحقيقة التاريخية هي أن كنيسة أنطاكية انقسمت لأول مرة في القرن السادس إلى جماعتين منفصلتين هما اصحاب الطبيعة الواحدة والذين يطلق عليهم الكتّاب الغربيون اعتباطاً اسم “المنوفوزيين” وجماعة الملكيين الخلقيدونيين . وسنرى بعدئذ أن الموارنة لم يصبحوا طائفة منفصلة إلا في القرن الثامن.