الفصل الثالث عشر
حديث المؤرخ مار ميخائيل الكبير –
حديث العلامة ابن العبري في تاريخه المدني السرياني –
حديث المؤرخ الاكليركي الرهاوي المجهول –
الحوادث التي سجلها القسيس ادي السبريني –
في سنة 1485 يونانية (1174 م) وفي مساء الاحد ، ترك الخدمة اغناطيوس مطران حاح ، الذي ابعد عن ضميره مخافة الله واوقع بابناء رعيته شرورا ومضار كثيرة باعماله الشاذة واعتداآته ، وخرج ليذهب الى الحاكم ، فيشكو الرهبان والقسوس . وفي الليل وهو سائر ، هاجمه الاكراد ، فهرب من معه ، وراحوا (الاكراد) يوسعونه ضربا وتبريحا ، حتى تركوه وهو يحتضر . وفي الصباح وجده بعض المارة ملقى حيث لفظ انفاسه الاخيرة . وبما انه قبل مدة كان قد قتل في قرية حاح الرجال المؤمنون اولاد قرياقس ، القس مرزوق ، وبرصوم اخوه ، وابناؤهما بسعاية المطران الشقي . ظن البعض ان مقتل المطران كان نتيجة ثأر لهذه الحادثة المؤلمة
في سنة 1597 يونانية (1286 م) تمرد بعض الاكراد على الخليفة العباسي ، وادعوا ان المهدي ظهر ، حتى خشي بأسهم الخليفة المأمون . فجرد حملة عليهم بقيادة الحسن احد قواده ، وزحفت على طـور عبدين ونهب دير قرتمين ، فاندحر الاكراد ، والمهدي المدعي به ، افلت الى بلاد اسحق بن اشوط (في الجبال) وهناك قطع رأسه
وفي نفس السنة في شهر تموز انتشر لصوص آخرون في منطقة طور عبدين ، وعاثوا نهبا وسلبا وتقتيلا في قرى كلشت ، وبانمعم ، وقرية وباسبرينا ، ونهبوا اسلابا عظيمة من منطقة بيث ريشا ثم جلوا .
حديث المؤرخ مار ميخائيل الكبير
في سنة 915 يونانية (604 م) احتل الفرس دارا ، وزحفوا على طور عبدين ، وحاصروا مدينة حصن كيفا سنتين . ولم يكونوا يؤذون احدا غير الرومان ، فكانوا يقتلونهم حيثما وجدوهم . ثم استسلم الحصن للفرس
روى مار ديونيسيوس التلمحري البطريرك الجليل عن اثناسيوس آل جوميا الرهاوي الشهير قال : ” اننا اخذنا هذه الاحاديث من قصص دانيال بن شموئيل الطور عبدين وجده لأمه ” .
وعندما شغر كرسي طور عبدين ، كان سكان المنطقة يطلبون شخصا اسمه ديونيسيوس بتأثير اثناسيوس (الصندلي) . وكان غيرهم يهيجون كالكلاب السائبة . وعندما كان الصندلي (اثناسيوس) يحرض ، كان يمانع داود اسقف دارا ، وسرغونا اسقف ماردين ، وكان يقول داود اني ارغب ان يكون ديونيسيوس مطرانا لحران . وهذا وان ايده في رأيه سكان المدينة بالاضافة الى الصندلي ، الا ان الاساقفة لم يوافقوا ، وكان معهم البطريرك يعقوب ، ولم يستطيعوا ان يعارضوا . وقد علم ان الحسد حملهم على ذلك . كتب الى ديونيسيوس لكي يرسمه
إن قرياقس مطران سجستان ، اعتمد على معلم شرير ، هو ابن سلطا الرأسعيني ، زورا (سوية) سفرا وسمياه (رؤيا اخنوخ) ودسا فيه رموزا وأقوالا ، تشير الى ان مروان سيرقى عرش المملكة ويخلفه ابنه على العرش . فقدم الكتاب الى مروان بيد احد منجميه ، قرأه وسربه كالطفل ، وامر ان يفسره قرياقس ، ففسره طبقا لآمال الملك . ومن شدة فرح الملك بهذا ، أمر ان يطلب اليه قرياقس كل ما يشاء . فكتب اليه قرياقس قائلا: اني مطران سجستان ، وبما ان تلك البلاد هي لاعدائك ، ارجو ان تأمر ببقائي في طور عبدين لأكون قريبا إليك ، لأن كرسي طور عبدين شاغر من اسقف . فارسل الملك الى البطريرك يقول: لا ترسم اسقفا لطور عبدين حتى آمرك . وهنا فتح هذا الباب لهؤلاء الذئاب ، فكان قرياقس يطلب مرعيث طور عبدين تارة ، وطورا يطلبها اباي اسقف ارزون ، واخرى يريدها جبرائيل ، وغيره وغيره . وكانوا بذلك يعدون لتمزيق الكنيسة والقاء الشقاق فيها . ولم يبحث امرقرياقس في المجمع الذي التأم في رأس العين خوفا من الملك . وكان البطريرك يحرم قرياقس والذين يحازبونه صراحه . وقبل وافق عليه كثيرون من سكان المنطقة . اما ابرشية طور عبدين فلم تعط لا لقرياقس ولا لجبرائيل مطران قرتمين . اما ديونيسيوس فلما رأى ذلك انسحب ومضى في سبيله دون ان يرسم
وعندما جمع البطريرك مجمعا في حران حرم قرياقس ، وجبرائيل الذي رسمه قرياقس علنا لسجستان وسرا لطور عبدين ، وصارا لبعضهما البعض حجر عثرة
اما الصندلي … فقد وصل الى نصيبين وبرفقته جبرائيل الداهية ، الذي اذ لم يصب ما كان يبغيه من البطريرك تركه وانحاز الى اثناسيوس (الصندلي) واشياعه ، ولم يستطع ان يعطي لجبرائيل إلا زاوية صغيرة من طور عبدين ، والباقي اعطاه لقرياقس . وهكذا حملهم قسرا على التوقيع . وشوهد توقيع قرياقس في المجمع الذي عقد في تلا هكذا : قرياقس مطران طور عبدين وحصن كيفا . وأمر جبرائيل القرتميني ان يذهب الى سجستان ، وإلا يحرم . وهكذا ترك قرياقس وقتيا
في سنة 1140 يونانية (829 م) مات ميخائيل ملك الرومان فخلفه تيوفيلوس . وفي هذا الزمان ظهر رجل كردي فادعى انه المهدي المنتظر ، وتبعته جماهير غفيرة من الاكراد ومعظمهم كانت غايتهم النهب والسلب . وعاثوا في بازبدي وطور عبدين نهبا وتقتيلا وفي الوقت عينه ، سنة 1151 يونانية (840 م) سار رجل اسمه مالك على آل ربيعة وهم قتلة سفاكون بطبعهم ، فراح يعيث في المنطقة ، وضرب مناطق نصيبين وسنجار وجبل الطور
عندما رأى يوحنا التكريتي (مفريان المشرق) ما أصاب الكنيسة من انقسام ، ابتعد هو ايضا عن خشية الله ورسم اسقفا لنصيبين ، ومد يده الى طور عبدين حتى ناهضه رهبان دير قرتمين
ان الخصومة التي نشبت بين البطريرك (اثناسيوس) وابن الصابوني ، وثلاثة اساقفة شيوخ ، هم ابن موديانا ، الذي عزله من كرسي ملاطية ، واسقف قليسورا واسقف طور عبدين ، الذين قطعهم البطريرك ، لأنهم اهانوه . ومات هؤلاء الاساقفة ، ولم يحلهم من القطع ، كل ذلك ادى الى الشكوك عند الكثيرين .
وفي سنة 1413 يونانية (1102 م) قتل مطران حمص مخنوقا ، ومطران طـور عبدين رفضه ابنـاء رعيته . وفي سـنة 1457 يونانية (1146 م) ثارت الاضطرابات في البلدان ، وانتشر اللصوص الاتراك في كل مكان من ملك زنكي ونهبوا كل ما اصابوا بدون رحمة . وفي حينه نهب دير قرتمين وقتل فيه اربعة رهبان . وفي الوقت عينه هاجم قرا ارسلان صاحب حصن كيفا طور عبدين ، لأن المنطقة كانت تحت حكم ابيه سابقا ، فاستولى عليها زنكي ، فاسترجعها (ارسلان) بعد حروب كثيرة
في سنة 1486 يونانية (1175 م) قتل اغناطيوس مطران طور عبدين ، لأنه كان مصابا بالطمع الشديد وكان يجمع الدراهم بدون حياء فيعبد المادة ، وهي الوثنية بعينها . ولم يخجل حتى عند توبيخنا له . بله القوانين الكنسية ، وأضاف شرا على شر ، إذ ترك الاعتماد على الله وراح يعتمد على نفوذ الحكام الزمنيين ، وكأنه اراد جمع الذهب بواسطة كهذه ، لذلك تخلى الله عنه . ففي يوم احد ترك الخدمة المقدسة ، وخرج ليذهب الى احد الحكام لينتحل اسبابا كعادته ، ويلقي في غياهب السجون الرهبان والقسس والمؤمنين . وفي الليل هاجمه اكراد في الطريق ، فوقع الشرير بين الاشرار فهرب من معه ، وراح المهاجمون يوسعونه ضربا وتجريحا وتركوه اخيرا يلفظ انفاسه الاخيرة . وفي الصباح شاهده بعض المارة ، فمات حالا . وقبل مديدة كان قد قتل في قرية حاح رجال مؤمنون ، يعتقد انهم قتلوا بسعاية هذا المطران ، وهم القس مرزوق وبرصوم اخيه ابنا قرياقس ، واولادهما . ولذلك اعتقد بعضهم ان مقتل المطران كانت نتيجة لثأر هؤلاء القتلى ، ومهما كان الامر فان ذلك نتيجة للاهمال الالهي .
وفي سنة 1176 م في ايام الربيع انحسر المطر فيبست الزروع وبقية النباتات . وحدث قحط عظيم ، حتى ان قرى كثيرة خلت من السكان في اورشليم وبقية انحاء فلسطين ، وفي سوريا الداخلية ونصيبين وطور عبدين .
في سنة 1180 م رسم يشوع الكاتب من طور عبدين مطران لحصن زائد . وكان منذ حداثته مخالفا للناموس ، وعليه ترك الكرسي الذي رسم عليه ، وراح يعمل لحيازة كرسي طور عبدين . فتقدم من سعيد الدين الحاكم ، الذي كتب الينا ان ننقل اسحق الذي رسمناه لطور عبدين وهو اياونيس ، الى حصن زائد ، ونعطي يشوع هذا ، طور عبدين . فكتبنا الى الحاكم نقول: ان شريعتنا تمنع نقل اسقف من كرسي الى آخر بأمر الحكام ، وعليه لا يمكن القيام بهذا العمل . وهكذا قترس (فصل) يشوع
منذ سنة 1496 يونانية (1185 م) ابتدأ الحرب الذي اثاره الشعب التركماني ، واستمر ثماني سنوات ، وهم يعيثون في مناطق كثيرة تخريبا وتهديما وذلك في ارمينيا وبلاد أشور ، وما بين النهرين وسوريا وقفدوقيا (كبدوكيا) وسبب ذلك ان الاكراد كانوا ينهبون التركمان ويقتلون منهم خلقا كثيرا وهم يشتون في برية سوريا الجنوبية . فقتل التركمان نحو مئتي رجل من الاكراد ، في المناطق المتاخمة لحدود ماردين . وتحارب الجانبان ، واجتمع الاكراد في منطقة نصيبين وطور عبدين زهاء ثلاثين ألف مقاتل ، وكذلك التركمان تجمعوا في منطقة الخابور ، وعند التقاء القوتين بحرب طاحنة انهزم الاكراد شر هزيمة ، فاعملوا فيهم السيف حتى فني الجنس الكردي من كل سوريا وما بين النهرين . والتركمان لم يكونوا يؤذون المسيحيين في السنوات الاولى لحكمهم ، ولكنهم بعد ذلك راحوا يعيثون فيهم قتلا وتخريبا ، حتى اندحر التركمان ايضا نتيجة لحروب طاحنة مع حكام المنطقة السابقين . وحينئذ هدأت العاصفة
حديث المؤرخ الاكليركي الرهاوي المجهول
حدثنا هذا المؤرخ في مجلده الثاني والفصل 14 عن قضية ظهور المهدي قال:
في هذا الزمان (في عهد الخليفة المأمون) اعتقد الاكراد الذين كانوا مستولين على الحصن (حصن كيفا) ان المهدي ظهر ، فاجتمعت غفيرة منهم ومن الفرس والعرب والوثنيين الى رجل ادعى انه المهدي ، ولكن معظم هؤلاء كانت غايتهم الاولى السلب والنهب ، وجعل (المهدي) مقره في الجبال الكردية الحصينة . وشرع مع اتباعه يعيث في المدن والقرى هدما وسلبا وتخريبا ، فخرب بازبدي (منطقة آزخ) وطور عبدين ، حتى سكرت الحراب من شرب الدماء ، إذ لم يكن اشفاق على أي بشر ، حتى خشى بأسه المأمون بالذات . ولما كان المهدي واتباعه ينشرون الموت والذعر والتخريب في طور عبدين ودير قرتمين والقرى المحيطة به ، هاجمهم الحسن حاكم هذه المنطقة ، وخاصة لأنه رأى ما اقترفوه بحق المسيحيين والرهبان بصورة أخص . وكان هذا الحاكم رحوما برعاياه وشجاعا ، وهكذا باغتهم مباغتة خاطفة ، فانهزم الاكراد شر هزيمة وهرب المهدي المزعوم الى منطقة اسحق بن اشوط حيث قطع رأسه فمات
الحوادث التي سجلها القسيس ادي السبريني
نحو سنة 1500 م كملحق لتاريخ العلامة ابن العبري
: هجوم الهونيين الفرس المغول الى بلاد ديار بكر
عندما وصل تمور (تيمورلنك) الى منطقة باعربايا (ارض ربيعة) استقبله صاحب حصن كيفا المدعو ، الملك العادل سليمان . فأكرم وفادته . . . وعاد الى الموصل ، غير ان ابنه الاكبر المدعو امير شاه سار الى آمد ، وهبط طور عبدين وعاث فيه قتلا ونهبا وتدميرا . وكان يخنق الناس خنقا ، حتى انه في دير مار كبرييل القرتميني خنق ثلاثمئة نفس ، واثنين وثلاثين راهبا ومطرانهم يوحنا . وسار الى قرية صغيرة في طور عبدين تدعى – بيث اسحق – وكان الناس قد تحصنوا في حصنها ، فألقى عليهم النار وثقب المعقل الجنوبي لهذه القلعة وخربها ،وهجم الجناة على السكان كالذئاب العطشى للدماء فقتلوا الرجال وساقوا النساء والصبيان سبيا ، فأتوا على الجميع
وفي سنة 1709 يونانية (1398 م) ، نشبت حرب حول قرية ديرونيثا في البقعة ، وقتل فيها بدر الدين صاحب قلعة هيثم وانهزم الزعيم ملكي السبريني ومن معه . وفي سنة 1712 يونانية (1401 م) جاء تمورخان للمرة الثانية واجتاح مخربا جميع بلاد بابل (بغداد) واربيل والموصل والجزيرة وماردين ، وخنقت بالدخان 500 نفس في مغارة برسيقي الكائنة تحت الارض ، وكان في من اختنق مطران دير قرتمين (مار يوحنا) ومعه اربعون راهبا . واربو قرية بيث ريشا لم تصب بأذى بدعاء رجل صالح فيها هو المطران بهنام شتي لأنه حاذق بنفسه وتقدم من الطاغية تمورخان متواضعا ، وطلب إليه أن يعطف على بني قريته ، وأخذ منه منديلا كاشارة للعفو ، وهكذا نجا الجميع
وفي سنة 1712 يونانية (1405 م) تفشى وباء وبيل في بانمعم ومات فيه خـلق كثير أطفالا وصبيانا ورجالا . وفي سـنة 1724 يونانية (1413 م) تفشى الوباء المهلك في جميع البلاد ومات فيه القس ادي السـبريني من آل قورش ومعه اربعمئة نفس . وفي سـنة 1727 يونانية (1416 م) احرق باب هيكل دير قرتمين ونهب الدير وسلب كل ما كان فيه بما في ذلك الصندوق الحاوي يمين مار كبرييل والكتب والصلبان والكوروس والصواني من قبل الاكراد . كما نهبوا ايضا كنيسة قرية كفرزي بما في ذلك صورة الشهيد عزرائيل . كما توفي في هذه السنة القس حننيا من آل الوجيه ملكي
وفي سنة 1728 يونانية (1417 م) قتل الاكراد الربان يعقوب العمودي الذي كان ينسك بقرب باسبرينا ، وهو حدلي الجنس ، ومعلم ابينا البطريرك بهنام . وفي سنة 1729 يونانية (1418 م) توفي المفريان بهنام شتي الاربوي . وفي سنة 1730 يونانية (1419 م) قتل الوجيه دنحا ورفاقه ، والوجيه عيسى بن الوجيه ملكي . ومات الوجيه ملكي السبريني مقتولا بيد عسكر السنجاريين . وفي سنة 1732 يونانية (1421 م) تفشت الامراض والاوجاع القوية ، فمات في باسبرينا مئة وسبعون نفسا ، ودفع سبعون رجلا الجزية ، بمن فيهم القس ادي صهر اشعيا . والقس يشوع ابن سوفا . والقس يوحنا كصكص . وفي سنة 1736 يونانية (1425 م) مات صاحب الحصن ، وهو سليمان الايوبي ومعه وزيره ، فخلفه في الحكم ابنه الاشرف
وفي هذه السنة عينها تفشى وباء شديد في جميع البلدان ، ومات فيه القس اشعيا العالم السبريني ومعه خمسمئة نفس ، وخمسة قسس آخرين ، واربعة وعشرون شماسا ، واربعة قسس ايضا جدد ، رسموا في يوم واحد ، وأصيبوا بالمرض في يوم واحد . وماتوا في يوم واحد . وفي سنة 1737 يونانية (1426 م) اجتاح عسكر السنديين باسبرينا فسبيت وقتل فيها الوجيه عزيز وفي سنة 1739 يونانية (1428 م) اصابت الكروم موجة من الحر الشديد فيبست وانكمشت العناقيد بعد ان كانت قد نضجت ، ولم يكن ف تلك السنة لا زبيب ولا دبس ولا خمر . وانتشرت المجاعة العظيمة مدة خمس سنوات . وبلغ ثمن كيل الحنطة ستة قروش ، وكيل الحمص والعدس والدخن اربعة وعشرين قرشا
وفي سنة 1742 يونانية (1431 م) تفشى الوباء من جديد في باسبرينا ومات فيه خمسمئة نفس وقسيسان ،يوحنا بن نصر ، والقس يشوع بن الوجيه يوسف ، ويوحنا بن الوجيه يشوع حندوق
في سنة 1743 يونانية (1432 م) قتل السلطان الاشرف بن سليمان على شاطىء دجلة في البشيرية وهو يصلي . وخلفه ابنه الملك الكامل الخليل . واستولى الاكراد الجاروريون على قلعة هيثم
وفي سنة 1744 يونانية (1433 م) سبي السلطان حمزة بن عثمان التركي منطقتنا هيثم ، واستاق جميع ابناء باسبرينا واسكنهم في منطقة ماردين ، حتى تصالح الحكام ، فافتدوهم من يد السلطان حمزة بمبلغ كبير من المال . وذهب وزير الحصن وأتى بالفلاحين الى القرية . وفي سنة 1749 يونانية (1438 م) تفشى وباء خفيف في منطقتنا ومات فيه اطفال فقط . وفي سنة 1752 يونانية (1441 م) قتل الاكراد اليزيديون مار برصوم قشـوع المانعمي مطران الدير . وفي سـنة 1759 يونانية (1448 م) اعتقل واسر علي عرزان الجيشي (او الجيني) صاحب القلعة الجديدة بيد أحمد صاحب قلعة هيثم وهو ابن نطفة
وفي سنة 1760 يونانية (1449 م) تفشى وباء الكوليرا الوبيل في جميع البلاد ، ومات في قرية باسبرينا خمسمائة وستون نفسا ، كما مات القس قومي ومعه عشرون شماسا
وفي سنة 1762 ي (1451 م) قتل السلطان الملك العادل صاحب الحصن ، قتله ابنه الملك الناصر وخلفه سنة واحدة في الملك فذهب سلطانه . وهاجم الحصنيون بانمعم ، ونشب نزاع عظيم وخصومة عظمى في مملكة الحصنيين ، وصاروا يغارون بعضهم بعضا . وسار خلف من مدينة حصن كيفا واحتل مدينة سعرت وطرد منها الامير عبد الله البختي وقتل ابنه ناصر الدين . وجاء الملك الحسن ، فتحصن عاصيا في قلعة باسبرينا . ونزل الى قلعة هيثم الملك مبارك ، والملك سليم ابنا الملك الكامل السلطان الذي قتل بيد ابنه الملك الناصر ، فرحب بهم اميرها حاجي عون ، وتحالف الجميع ، وهاجموا قلعة الحصن ليلا بدون مقاومة ، فقتلوا أخاهم الملك الناصر والذين معه ، واسـتولى على الملك الملك أحمد شقيق الملك الناصر .
وفي سنة 1764 ي (1453 م) اسـتولى الاتراك العثمانية الذين كانوا يتبوأون ماردين ، على عينورد . وكذلك احتلت باسبرينا من يد البختيين ، في الليلة الثانية من ايلول وقتل فيها اربعة عشر رجلا وامرأتان ، وخربوا قرية ميدون ، وبيث اسحق ، وعربان . وعاد اللصوص البختيون الى مواطنهم
وفي سنة 1765 ي (1454 م) سار الملك خلف من سعرت ، واحتل حصن كيفا ، وتحصن في البرج المطل على كنيسة مار زوخي السريانية ، وكان السلطان الملك أحمد ابن اخته ، فسار هذا وحرض الاتراك آل حسن بك فأحاط الاتراك المدينة من خارج اسوارها وصاحب الحصن من الداخل ، وبقي الملك خلف متحصنا في داخل البرج في وسط المدينة ، وكانت تأتيه المؤونة من حنطة وغلات اخرى من منطقة الحصن ، وكان معه زهاء ثلاثمائة رجل من المحاربين الاشداء . وفي أحد الايام تحالف السلطان الملك أحمد مع الاتراك الذين خارج المدينة ، وأذن لهم بالدخول اليه الى القلعة من الجانب الآخر ، ووعدهم بان يعطيهم المدينة ان هم تعاونوا معه على طرد الملك خلف منها . وهكذا هبط من القلعة ومن الاتراك والحصنيين زهاء الف رجل في محاولة للقبض على الملك خلف ، الا ان هذا سد عليهم مدخل الحصن المؤدي الى كنيسة مار زاخي وشحذ همم رجاله وبقية مؤيديه من سكان المدينة الذين كانوا يحبونه والقوا القبض على جميع الاتراك والحصنيين المهاجمين ، وجردوهم من اسلحتهم ، ونزعوا عنهم ثيابهم ، واطلقهم الملك خلف من باب المدينة المعـروف بباب الصور ، وقال لهم : اذهبوا واخبروا سيدكم حسن بك ، ولم يقتل منهم احدا . ومن هناك أعاد التركي قوته المنكسرة امام الملك خلف ، وسار الى وطنه . غير ان الاتراك عادوا فهاجموا منطقة جبل الطور وعاثوا فيه سلبا ونهبا وقتلا ، واهلكوا كثيرين بالدخان من سكان قرى شتراكوا وزاز ، وابلين ، وحاح وصلح وباتي ، وكفرا ، وكفر شمع وسائر انحاء الحصن .
وفي سنة 1766 ي (1455 م) احتل الملك خلف حصن كيفا وملك فيها ، وقتل ابن اخته الملك احمد وجميع الذين معه . وثارت الفتن والحروب والمخاوف العظمى والمجاعات والاملاق ، وكل شيء ارتفعت اسعاره أضعافا .
وفي سنة 1768 ي (1457 م) زحف البختيون ودمروا مدو وبيث اسحق وعربان . وقتلوا في مدو قسيسين ، هما القس بهنام والقس ملكي ومعهما كثيرين . وقتلوا في عربان قسيسين ايض ،ا هما القس بهنام والقس ادى والشماس ابو نصر واربعين رجلا آخرين واستاقوا النساء والاطفال سبيا
وفي 1771 ي (1460 م) نزع الاتراك اتباع حسن بك القلعة الجديدة من أيدي المحلمية . وفي سنة 1773 ي (1462 م) قتل الملك خلف صاحب الحصن وابناه ، الملك موسى ، والملك هرون ، قتلهم بنو عمومتهم الملك ايوب والملك زين العابدين واتباعهما ، ولكن لم يستقر لهم الملك . وفي السنة نفسها جاء حسن بك التركي وحاصر مدينة الحصن ، منذ مطلع تشرين الثاني حتى مطلع حزيران وسقطت بين يديه جميع قلاعها تباعا ، ثم انتزعها من أيدي اصحابها الحصنيين ، ونصب عليها ابنه السلطان خليل ملكا . وقتل حسن بك الملك ايوب صاحب الحصن وأخاه زين العابدين ، وجميع الامراء الحصنيين ، وطرد الباقين منهم من حصن كيفا ، واستاقهم مهانين الى آمد ، ثم احتل سعرت
وفي السنة نفسها احتل الامير التركي بن خليل قلعة هيثم ، وكان هذا مملوكا لحسن بك وذا عين واحدة . وطرد منها صاحبها الامير احمد ابن نطفة الذي كان ضريرا ، وجمع حوله كثيرين من الاكراد واليزيدية ، والجارورية والمحلمية ، وامرهم ان يعيثوا في المنطقة نهبا وسلبا وقتلا وتدميرا ، ويقتلوا امير الحصن . وهكذا خلا الجو لخليل بك الاعور ، الذي كان يحتل مدينة شروان ، فدوخ البلاد وسطا على العباد ، وأخذ يشن الهجمات المتتالية على قلعة هيثم ، وكان يقتل ويسبي كثيرين من اتباع ملك القلعة الضرير كما كان سكان القلعة ايضا يخرجون الى القرى فينهبون ويسلبون ويقتلون كثيرين من المسيحيين . وارسل امير قلعة هيثم عصابات شريرة الى قرية باسبرينا يوم الاثنين من اسبوع نصف الصوم الكبير ، وقتلوا فيها ثلاثة رجال واستاقوا كثيرين سبيا ، وباعوهم بمبالغ باهظة من المال . وكان يتجمع في القلعة كثير من النساء والاطفال لجأوا اليها خوفا من الحروب والكوارث المتواصلة . وعندما انتزع الاتراك قلعة هيثم من ايدي اصحابها الحصنيين ، وتبوأها الملك الضرير الشرير ، جمع حوله كثيرين من اللصوص وقطاع الطرق واطلقهم ف المنطقة ينشرون فيها الذعر والموت ويسطون على القرى فيسلبون ويقتلون وينهبون كل ما وصلت اليه وايديهم ، وكان كلما لجأ الى عدد من النساء والاطفال احتجزهم حاكم قلعة هيثم ، لأن الاتراك كانوا قد قتلوا سلطان هذه القلعة ، فثار هذا الحاكم على الحصنيين والاتراك ، وكان يضع اليد على كل شيء يرد الى قلعة هيثم من قمح وشعير ودبس وزبيب ، وغير ذلك من المواد الغذائية ، ولم يكن يعطي شيئا لاصحاب هذه الاموال ، وبلغت به الحال حتى باع النساء والاطفال بمبالغ طائلة ، وبعد ذلك استحلف الاتراك الا يسيئوا اليه فأعطاهم قلعة هيثم بعد ان كبد المنطقة محنا لا توصف
وفي سنة 1775 ي (1464 م) اطلق حسن بك يد مملوكه خليل بك وامره ان يعمل السيف في رقاب سكا
المنطقة ، وكان من حظ الاكراد اليزيدية ان يكونوا ضحايا لشره ، فقتل منهم خلقا كثيرا حتى افنى قرى بكاملها بدون رحمة .
في هذه السنة رسم القس ادي ورفاقه .
في سنة 1788 ي (1477 م) مات حسن بك بن عثمان التركي فخلفه ابنه يعقوب . فساد الاستقرار في عهده وخاصة على المسيحيين ومات القس ملكي السبريني ابن اخت الربان يشوع القسيس بن القس اشعيا من آل ججيم
سياحة القس ادي السبريني
في سنة 1803 ي (1492 م) زار القس ادي السبريني المدينة المقدسة ، وبرفقته ابنه القس توما ، والربان شابو صليبا والقس كبرييل والقس روبيل السبريني ، ورافقهم كثيرون من بناء باسبرينا . ورحل معهم ايضا الخواجا حسن المارديني الامير الذي ارسل سفيرا الى سليمان بك صاحب مصر من قبل السلطان . وحمل معه هدايا عظيمة ورسائل صداقة وسلام وكان يرافقه ابنه محمد وقافلة كبيرة من التجار ، ذلك لأن عداوة قديمة كانت مستحكمة بين ملوك مصر ، والسلطان المغولي من آل حسن بك ، منذ جاء الشاميون الى الرها ، فأوقع بهم المغول آل حسن بك وقتل في الموقعة زعيمهم المدعو باش . فلما استقر الملك للسلطان المغولي في حسن منصور ، ارسل الخواجا حسن (المشار اليه الآن) بسفارة صلح الى صاحب مصر ، ترافقه ثلة من الجنود ، فاكرم صاحب مصر وفادته ، وقدم له سبعمئة دينار هدية ، مع هدايا اخرى من الاقمشة المذهبة لجنوده واتبعه
ان الامير الخواجا حسن هذا ، أحاط القس ادي ورفاقه بكل رعاية واحترام ، وهم بطريقهم معه الى الديار المقدسة ، حتى انهم لم يدفعوا لأحد قرشا واحدا في الطريق وهكذا بالغ في اراحتهم واكرامهم حتى وصل معهم الى مدينة الرملة
ثم يتابع القس ادي حديثه فيقول : هناك (في الرملة) صادفنا امير اورشليم، وهو ذاهب الى المدينة المقدسة، فأوصى السفير بنا خيرا، وقدمنا لأمير اورشليم قطعتين من القماش الفاخر هدية، وسرنا معه حتى وصلنا الى القدس، ولم يستطع أحد ان يؤذينا في الطريق . وبعد مدة عاد السفير من مصر وأرادنا على السفر معه فاعتذرنا لاكمال زيارتنا للاماكن المقدسة
وبعد ان ادينا الفروض الدينية في زيارة القبر المقدس، وشاهدنا النور، وزرنا بقية الاماكن المقدسة قررنا العودة الى بلادنا مع بقية الرفاق
والآن يتابع القس ادي كلامه بصيغة الغائب فيقول: مات منهم (من رفاقه) في دمشق الربان شابو الراهب الصلحي، والقس كبرييل، فاحتفل بدفنهم وشيعهم القس ادي وابنه القس توما والقس صليبا، والقس هابيل تلميذيه . ثم يقول بصيغة المتكلم: “وكنا قد نزلنا في بحر قبرص (اعتقده يقصد عند خروجهم من فلسطين عن طريق حيفا) نزل بعضنا الى طرابلس فحماه، وذهب البعض الآخر الى دمشق . عندما دخلنا حماه، مرض ومات الربان يشوع الراهب السبريني، بن القس موسى، فاحتفلنا بدفنه هناك أيضا . والقس توما – ابن الكاتب القس ادي – أصيب بمرض عضال في دمشق الا ان الله سبحانه شفاه . ومكث ابوه – الكاتب – اربعين يوما في حماه ينتظر رجوعه اليه . وبعد ذلك ذهب القس ادي بالذات الى دمشق، بألم عظيم، ثم عادوا جميعا الى حماه، وتأخرت دعودنهم الى بعد عيد العنصرة في دمشق، لأن الوباء كان ضاربا اطنابه في كل بلاد الشام ومصر وبلاد الرومان، حتى انقطعت الطرق، وعاد بعض الناس الى اوطانهم سالمين، دون أن يصابوا . أما نحن فسرنا من حماه ووصلنا حلب ، فرأينا الطرق مقطوعة من المسافرين، خوفا من الوباء الهائل الذي كان ما زال جاثما على بلاد الشام
وهنا وقع انقسام في مملكة المغول، فاختل حبل الامن، ولم يتيسر لنا ان نسير معه الى الرها، وعليه اضطررنا للسفر مع قافلة من التجار الى بلاد كركر (جرجر) بين جبال وعرة بمحاذاة نهر الفرات . ثم يتابع كلامه بصيغة الغائب، يقول: “بعد ثمانية ايام وصلوا الى جرجر فالقى صاحب جرجر القبض عليهم وأهانهم وسجنهم في قلعة جرجر ثمانية ايام حتى عيد مار توما (3 تموز) ثم اطلقهم بعد ان سلبهم ما كان معهم من الهدايا والصلبان والامتعة فعبروا نهر الفرات ووصلوا الى حصن الحصرم ، وقبض عليهم صاحب الحصن أيضا فسلبهم ما كان قد بقي معهم وكبدهم آلاما كثيرة ضربا وتبريحا، ولو لم تحطهم عناية الله، لقتلوا جميعا وهلكوا وعند وصولهم الى مدينة جرموك اصابوا شيئا من الراحة . ثم وصلوا الى آمد فوجدوا ابوابها مغلقة مكلسة . وكان نور الدين بك يعيث في المنطقة نهبا وسبيا وفتكا بدون رحمة ضد آل حسن بك وحاصر حصن كيفا، وجمع له جيوشا جرارة، وقبض على سلطان بك وزير السلطان بيسقور وقتله ومثل بجثته . وكذلك عمل بقواد جيشه، لأن سليمان بك كان قد هرب من اطراف تبريز، وجاء لاجئا الى حصن كيفا . فسلمه اصحاب الحصن الى نور الدين علي فقتله – كما رأينا – ان ملك آل حسن بك وامراءهم، اطلقوا سراح رستم بك بن مقصود بك حسن بك، وجعلوه سلطانا عليهم سنة 1804 ي (1493 م) .
وكان هذا – رستم – شابا جميلا فأحبه الملوك . أما نور الدين علي بك ابن عمه الذي كان قد تمرد عليه، فانه قتل سليمان بك وانزل من قلعة حصن كيفا ابنه ميرزا علي واطلقه . واستولى على بلاد ماردين وحصن كيفا وامد وسلب ونهب كل تلك المناطق
ثم انطلق (نور الدين علي) من نصيبين وهاجم صلح، وسلب دير مار يعقوب في صلح ،ونهب الكتب والآنية القدسية وغلال الدير . وجرد مذبحة من الكؤوس والصواني والثياب الابوية والكهنوتية، والعكاكيز والصلبان . فهرب البطريرك مسعود وجميع الرهبان معه ، واقفر الدير من السكان . ثم عاث في المنطقة كلها سلبا ونهبا، الا ان منطقة هيثم سلمت من شره . فدمرت الاديار والكنائس بيد الاكراد ، وكان المسيحيون في ضيق عظيم
وبعد ذلك ارسل السلطان رستم بك اليد (الى نور الدين علي) مرات كثيرة طالبا الصلح فلم يجيبه وارسل عليه قوة كبيرة بقيادة خمسة أمراء فحاصروه (رستم) واراد القبض عليه وقتله، فهرب والتجأ الى قلعة شمشكزار (في مناطق كردستان الشمالية) وارسل يطلب الصلح من جديد
واستولى على ماردين وحصن كيفا قاسم بك خال السلطان . وكان قد جمع جيوشا جرارة اما ابناؤه المردة فانهم شقوا عصا الطاعة وتحصنوا في قلعة ماردين وكان معهم اسرى كثيرون
حروب تمورخان في طور عبدين
نقلا عن نسخة اخرى
في سنة 1706 ي (1395 م) بعد ان دمر تمورخان جميع المناطق، واخذ الجزية من سكانها، احتل امد واحرق سكانها بالنار وهربت بقاياهم الى مناطق طور عبدين لاجئين الى حصن كيفا وحصن هيثم والحصن الجديد . وتشرد غيرهم في الحقول واختفوا في شقوق الارض . فألقى الغزاة الدخان عليهم في مكانهم الضيقة فاختفوا . فاختنق في قرية بيث ابياي ثلاثمئة نفس . وفي قرية كفر شمع ثلاثمئة آخرون . وفي مذيات اختنق المطران ملكي ومعه رهبان عديدون، ورجال كثيرون، وهاجموا دير قرتمين، فهرب الرهبان البؤساء ولجأوا الى مغارة في اسفل الجبل تسمى برسيقاي، ولجأ الى هذه المغارة كثيرون جدا من القرى والمدينة وخاصة من نصيبين . ولما احس بهم المهاجمون القساة، تجمعوا حولهم وهاجموهم واطلقوا الدخان الكثيف في المغارة الضيقة فاختنق جميع من لجأ اليه،ا بما فيهم اربعون راهبا والمطران مار يوحنا توما السبريني، مطران قرتمين . وخمسمئة نفس من اللاجئين . ودمرت المنطقة تدميرا كاملا .
وأخذوا قرية بيث اسحق بحد السيف، وقتلوا كل من وجد فيها، واستاقوا سبيا أناسا كثيرين لا يحصى لهم عدد . وانتشر الغزاة الظالمون هؤلاء في جميع تلك المناطق ودمروا كل شيء عمران فيها ، ما عدا مدينة حصن كيفا، وانتشر الجوع والوباء والموت كل ارض وطئتها اقدامهم
وفي سنة 1707 ي (1396 م) تصادم الترك والملك العادل صاحب حصن كيفا، وفيها تمرد عز الدين علي صاحب ماردين ، واستولى على قلعة برعيّة، ودمر القرى المحيطة بها، وترك المنطقة الغربية كلها خرابا يبابا، وتسلط على الطرق فاقفرت ايضا
وفي نهاية ايلول سنة 1709 ي (1398 م) استولى بدر الدين حاكم هيثم على قرية دير ونيتا الواقعة في المنطقة العربية ومعه سكان المنطقة، وقابلهم بخيوله الشيخ محمد صاحب القرية فهزمهم، وبدد جموعهم ونزع عنهم اسلحتهم وثيابهم وقتل كثرين منهم . وقبض على بدر الدين نفسه وعلى جميع الزعماء الذين معهم ، الا انه اطلقهم بعد ذلك، وعاد بدر الدين الى حصن كيفا ومات متأثرا بجرح بليغ اصيب به
وفي سنة 1713 يونانية (1402 م) زحف الجراد على هذه المناطق كلها فأكل الزرع والموت، وأباد الكروم والاشجار، وكان الناس يطردونه بالدخان والصفير . وفي سنة ي (1403 م) زحف امراء الحصن على المنطقة فدمروا قرية معاري (المغاور) ومدينة نصيبين وقريتي حباب واربو ودير مار شمعون في اربو . وفي الشتاء من هذه السنة سقط الملك العادل صاحب حصن كيفا عن فرسه، واستدار فمه الى الجهة الاخرى، وصار سخرية للناظرين . وفي سنة 1814 ي (1503 م) يوم عيد مار يعقوب 29 تموز حدث رعد شديد جدا قبل الظهر، وصاحبته سحب بيضاء، ولم يكن غيم ولا مطر واستمر الرعد يقصف زهاء ساعة كاملة ، وسمع في كل مكان حتى مدينة الجزيرة والمنطقة العربية . فذعر الناس وسقط كثيرون على وجوههم مغشيا عليهم
وفي سنة 1882 ي (1571 م) تلبدت الغيوم الكثيفة وهبط المطر الغزير في طور عبدين، وقصفت الرعود وانقضت الرعود وانقضت الصواعق وكان ذلك في 6 آب، في عيد التجلي . واصيب الباب الخارجي لكنيسة مار ديمط في قرية زاز بصاعقة، وهبطت اخرى على بيت مجاور فاحرقت الاخشاب والتبن وما الى ذلك .
قرية باسبرينا
في سنة 1478 يونانية (1167 م) في عهد مار ميخائيل الكبير بطريرك انطاكية، نهض الوجيه توما بن الوجيه سابا الباسبريني واولاده السادة الكرام شمعون وابو الخير، وابو الفرج، واشتروا ثلث قرية باسبرينا من مالكيها القدماء، بما في ذلك الكروم والاراضي الزراعية والابار وغيرها بالاضافة الى المساكن التي قدرت بمئة دار . وسبب ذلك ان خلافات وخصومات عنيفة كانت تنشب بين اصحاب هذه الدور، وبقية سكان القرية، فأرادوا ابعاد هؤلاء عن بقية السكان تلافيا للنزاعات الشديدة المستمرة بين الطرفين، والتي كانت كثيرا ما تؤدي الى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين . ودفع الوجيه توما واولاده ثمن ذلك كمية عشرة ارطال ذهب . وقد ذكر المؤرخ انهم اقترضوا رطلا واحدا من الذهب من دير مار كبرييل اتماما لثمن القرية، فاصبح للدير حق شرعي بأن يجبي رهبانه كل سنة غلالا كثيرة من القرية .
وخوفا من ان يعود السكان الذين باعوا املاكهم لآل سابا الباسبرينيين الى بقعة قريبة من قرية باسبرينا، ذهب السيد شمعون ابن الوجيه توما، فاقام في تلك البقعة ابنية كثيرة ودورا للسكن واعطاهم لبعض سكان باسبرينا، وبالفعل عاد اولئك الذين كان سكان القرية يخشون شرهم ومعهم اعوان كثيرون، وحاولوا مهاجمة باسبرينا ، الا انهم اعيدوا على اعقابهم خاسرين
وبعد ان انهى السيد شمعون آل سابا ما كان قد قرر بناءه في البقعة المجاورة لباسبرينا ، عاد الى باسبرينا وشرع بمعاونة بقية أبناء اسرته في انشاء ابنية مختلفة الى جانب الكنيسة . فاقام بجوار الكنيسة قلعة حصينة واحاطها باسوار عالية قوية، كما احاط الاسوار حول كنيسة القديسين مار دودو
مار احو ومار اسيا بسور عال عظيم . وانشأ ايضا قلعة قوية بجوار كنيسة مار اشعيا .
وكان الى جانب القرية على المرتفع الواقع بين كنيستي مار شليطا ووالدة الاله قلعة قديمة، فنقضوا حجارتها وبنوا بها القلعة الجديدة المجاورة للكنيسة وغـرفا كثيرة لسكان القرية
وابتنى هؤلاء السادة الافاضل آل الوجيه سابا دارا كبيرة وجعلوا فيها مقبرة للراهبات الى الجانب الشرقي من الكنيسة، كما اقاموا الى الجانب الاخر من الكنيسة دارا اخرى كبيرة ايضا فيها عشر غرف لسكنى الراهبات . وشيدوا ديرا باسم العذراء والدة الإله في الوادي شرقي القرية . واقاموا في الدير برجا عاليا ليكون منسكا للرهبان الحبساء، باسم القديس مار برصوم رئيس الابيلين . وكذلك اغنوا الكنيسة بكل حاجاتها من كتب مقدسة وغيرها، واهدوها صليبا كبيرا مصنوعا من الذهب والفضة وعليه صورة المسيح وانجيلا مكتوبا على الرق لمدار السنة يحوي صورا رائعة بين صفحاته بخط حبيب الحبسناسي الخطاط الشهير، وزين الخطاط البارع مطالع الاناجيل والقراآت باحرف كتبت بماء الذهب وخاصة ما كان معينا للاعياد الكبرى والحفلات، ورصّع وجهه الخارجي بصورة ذهبية فضية تمثل اعمال الرب (المدبر انوث) ، واستكتبوا هذا الخطاط الحاذق فنقيثين على الرق لمدار السنة ايضا، كما اهدوا مجلدات اخرى على الرق بخط الرهبان الكفرسلطيين المشهورين، كما كتب هؤلاء مجلدين لكتاب الجناز كاملين، وثلاثة اناجيل، وكتابا ضخما يحوي النوافير (الليتورجيات) بخط الراهب حبيب الحبسناسي الآنف الذكر
وبنوا جبا للماء كبيرا خصيصا للنساء . وكذلك جبا آخر مجاورا للقلعة . واقاموا غرفا كثيرة (قلالي) في دير مار كبرييل، وشيدوا فندقا كبيرا في قرية تدعى القرية على طريق المسافرين . كما شيدوا فندقا واسعا وكبيرا آخر ف قرية بيث بيشان… وكل هذه الابنية خصصت لفائدة الكنيسة
في سنة 1985 يونانية (1674 م) في 12 من ايلول حدث زلزال هائل فسقط كثير من بيوت قرية باسبرينا، كما سقطت حجارة كثيرة من كنيسة مار دودو الكائنة في القرية، فاعاد ترميمها الاسقف . وفي السنة ذاتها دمر قبلان باشا طور عبدين . وفي سنة 2070 يونانية (1759 م) تفشى الوباء في المنطقة واعقبه جوع شديد فمات كثرون في باسبرينا، ومن جملتهم المطران وثمانية كهنة وعشرون شماسا والف نفس من السكان
وفي سنة 2038 يونانية (1727 م) زحف الجراد واكتسح الزروع واكروم . وفي سنة 2044 يونانية (1711 م) هاجمنا قوم من اللصوص فنهبوا ثلاثة قطعان من المعزى، وقتلوا القس عازر ابن القس يشوع من آل قموقا، وهو الرئيس المدبر لقريتنا، ورسم سنة 1718 م وقتل من المهاجمين رجلا . ثم زحف حمزة بك بسبعة آلاف مقاتل وارحق عشرين قرية من منطقتنا، وقتل من قرية بادبي ثلاثمئة وخمسين نفسا . وفي سنة 1718 م ذاتها هوجمت باسبرينا مرة اخرى . وفي سنة 1802 حدث شغب في القرية نفسها فقتل فيها رجلان، ثم تصالح الجانبان المتخاصمان