الفصـل الـرابع
في نهاية القرن الثالث ، بزغ شعاع عظيم في الحياة النسكية ، وهو القديس يعقوب , الذي بعد ان زهد في الدنيا ، زمناً غير قليل واشتهرت فضائله , انتخب اسقفا لنصيبين ، وأجترح المعجزات مثل الرسل القديسين ، وأسّس مدرسة في المدينة ، وتخرج عليه القديس افرام السرياني العظيم ، فأغنى به الكنيسة المقدسة عروس النور ، وانتقل بقداسة الى جـوار ربه سنة 338 م .
وفي منتصف القرن الرابع هبط الجبل القديس اوجين القبطي من دير مار فاخوميوس , وعاش فيه حياة النسك والزهادة ، وصاحبه كثيرون من الفضلاء وأخذوا عنه ، وبعد بضع سنوات نشروا سوية بشارة الخلاص بين الآراميين والمجوس والوثنيين القاطنين في هذا الجبل وباعربايا ( ديار العرب ) حتى جزيرة ابن عمرو ، وهَدوا خلقاً كثيراً وشيّدوا الكنائس .
اما تلاميذ مار اوجين فهم : مار ملكي القلوزمي ابن اخته ، ومار اشعيا الحلبي ، وعيده 15 من تشرين الاول ، ومار يارث الاسكندري ، ولكل منهم دير في الجبل .
ان مار اوجين توفي في شيخوخة صالحة ، ووضع جثمانه الطاهر في الدير الذي أقام وهو المعروف الى اليوم باسمه , ويجب ان نعلم ان القديس اوجين توفي في نهاية القرن الرابع ولم يتعرّف شخصياً الى القديس يعقوب النصيبيني ، ولا صحة لما يروى عنهما , اما القديسون الذين اعتنقوا طريقة الزهد بعده واشتهروا في الجبل فهم :
– مار شموئيل المشتي ، الذي توفي في 15 أيار وتلميذه مار شمعون القرتميني ، وقد شيدا دير قرتمين سنة 398 م
– مار هابيل العمودي الذي اشتهر في نهاية القرن الخامس
– مار آحو المتوحد الذي عرف في القرن السادس ، وهو الذي جلب قطعة من الصليب الحي الى الجبل .وشيد ديرين , أحدهما دير دفنت
– مار كربيل القسطيني الذي سار في طريق الزهد حثيثاً ، ورئيس دير قرتمين ، ورسم اسقفا للدير -والابرشية كلها ، وزين الدير بالمفاخر الروحية وثقّف الرهبان بطريقة النسك ، وأحيا ميتاً ، وذهب الى ربه سنة 667م . ويحتفل بعيده يوم 23 كانون الاول ، وترك رداءه النسكي ذكرى في الدير وعاش في هذا الديـر ثمانماية ناسك فاضل في أواخر القرن الخامس والى أواسط السادس . ووصفوا بما يأتي :
” انهم اجتمعوا من أديار كثيرة ، ومن كل جهة ومدينة اولئك الذين اضطرموا بحرارة الايمان وتقلدوا جميعهم اسلحة الروح شيخوخة بهية مزينة بالأعمال العظيمة ، اولئك الذين وقفوا أمام الله بنسكهم السامي منذ عهد شبابهم الرائع ، وتابعوا أعمال الزهد الشاقّة بقلوب تنبض بالايمان الحي ، والصوم والصلاة والتهجد ليلاً ونهاراً بدون انقطاع . انه لعجب عجاب ان تسمع رعود اصواتهم الهادرة ، وان تنصت الى هديلهم العذب الشجي وترتيلهم المقدس ، وخاصة في الليالي الحالكة حيث كانوا يتهجدون في مغاور هذا الدير ، واحياناً يهبطون الى الوادي العميق الواسع ، وآناً يبتعدون عنه . وكان التناوب بين الاخوة اثنين اثنين في كل وقت معين او واحد ، او اربعة ، او عشرة ، او اكثر ، او معلم وتلميذه ، وهكذا كانت ظلمات الليل تسمع نأمات قلوبهم المسكوبة امام الله بكل ورع وخنوع . وكانوا يحيون الصلاة القانونية باوقاتها السبعة المعروفة ، وكأني بهم انطبق عليهم كلام المرتل حيث يقول : ” اني الهج بناموس الرب النهار كله ” وكان الكلام الباطل لا محل له عندهم . وعوض الكلام الفارغ كانوا يلهجون بالشكر والدعاء طبقاً لقول الرسول بولس ، وكان كلهم له وجهة واحدة في الصلاة الى الله ، وكان بعضهم يقتدي بالبعض الآخر بالفضائل والزهادة وكان لهم نظام واحد ووجهة واحدة ، وهدوء شامل وتأمل عميق واحد . وكانوا كأنهم الملائكة في عبادتهم . ولم تكن تجد في الساعات الاولى من الليل احداً منهم على فراشه ، لانهم جميعهم كان ديدنهم الصلاة والعبادة ، وكل منهم يقتدي برفيقه ، وكان الجميع خشعاً متهجدين . . . ولما هبط الشرق افرام الآمدي المضطهد ( البطريرك ) ولم يرضخوا لما ارادهم عليه من الخذلان ، فيشايعوه ، أثار ضدهم الاضطهاد المرير ، وبدّدهم في الآفاق ايدي سبا ، فذهب بعضهم الى جبال كردستان والبعض الى الجبال الخالية النائية ، والبعض الآخر هبط الى البراري والقفار حتى وصلوا الى جبل سنجار . ثم عادوا الى هذا الدير بعد عشرين سنة ، وعادوا يبنون المناسك الجديدة وكان عددهم حينئذ زهاء سبعماية وثمانية وتسعين ناسكاً ” .
والقديس مار شمعون الزيتوني , وهو من قرية حبسناس وتتلمذ في دير قرتمين واعتنق الزهد . واشتهر بالفضائل حتى أرتفع سراج فضائله فوق منارة أبرشية حرّان برئاسة الكهنوت واستمر يشع نوراً وفضيلة مدة اربع وثلاثين سنة . وانتقل الى ربه قديساً سنة 734 م . ويحتفل بعيده في 3 حزيران .
واشتهر قديسون كثيرون آخرون في هذا الجبل أشباه :
– سويرا الكفرشي .
– واباي الحاحي رئيس دير قرتمين ، ويحتفل بعيده في 8 من تشرين الثاني .
– ومار دانيال العوزي اسـقف قرتمين الاول ، ويحتفل بعيده في اليوم 9 من كانون الاول .
– وقيروس الصبي الذي اصبح رئيسـا لدير قرتمين ويحتفل بذكره في 4 من كانون
– وشمعون الفافيني رئيس دير قرتمين ، ويحتفل بذكره في 11 من كانون الثاني
– ومار هيرقلا الحبيس الذي تنسك في دير كفرشمع ويحتفل بذكره في الرابع والعشرين من كانون الثاني .
– وايليا الاسقف من عين ورد ، ويحتفل بذكره في 25 من شباط .
– وصافنيا رئيس دير قرتمين ، وذكره في 29 من نيسان .
– ومار موسى المتوحد وذكره في 5 من أيار .
– ومار اوتيل المجدلي وذكره في 3 حزيران .
– ومارون العينوردي وذكره في العشرين من حزيران .
– ومار يعقوب اسـقف دير فسيلتا من قرية عومقا في جبل ازلا ، وذكره في 31 من تموز .
– ومار توتال العمودي الذي احيى ميتا ، وذكره في 12 من آب .
– ومار شابا الصلحي وتلاميذه الذين استشهدوا, وعيدهم في 18 من آب .
- ومار يعقوب المصري الصلحي سنة 732 يونانية ( 421 م) وذكره في 8 ايلول .
- – وقيروس رئيس الدير .
– ويوحنا القرتميني وذكره في 10 تشرين الثاني .