الأعظم في ملكوت السماوات – مثل الخروف الضائع – ان أخطأ اليك أخوك – المغفرة للآخرين
الأعظم في ملكوت السماوات
عدد 1 : وفي تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو أعظم في ملكوت السموات ؟ “
أكرم المسيح بطرس بقوله ” عني وعنك ” و ” طوباك يا سمعان ” فدب مرض الغيرة في قلوب التلاميذ ولانهم استحوا ان يكشفوا مرضهم ويقولوا لعل بطرس أعظم منا قدموا هذا السؤال . ويعرف ذلك من قول الانجيلي ” انه في تلك الساعة التي قال فيها لبطرس ادعني عنك ” . أما مرقس فلم يقل انهم سألوا بل افتكروا . وأما نحن فنقول ان المرض تولاهم مرة ومرتين ففكروا أولاً في قلوبهم كما يقول مرقس ولوقا ثم سألوا بفمهم كما يقول متى .
عدد 2 : فدعا يسوع اليه ولداً واقامه في وسطهم
ان الصبي الذي دعاه واقامه كان صغيراً وبريئاً من الامراض المعيبة وقال قوم ان اغناطيوس النوراني الذي صار بطريركاً على انطاكية هو ذاك الصبي وهو الذي شاهد الملائكة يرتلون جوقتين فأدخل هذا النظام في ترتيل الكنائس . أما سؤال التلاميذ فلم يعجب المسيح فحول أفكارهم من الظن ان العظمة تنال قبل الامتحان الى تمثيل الصفات المؤهلة للعظمة الحقيقية وهي السذاجة والطهارة فأقام صبياً في وسطهم وقال.
عدد 3 : وقال : “ الحق أقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات .
عدد 4 : فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فذاك فهو الاعظم في ملكوت السموات .
وهذا دواء الداء الذي استولى على افكارهم وكأنه يقول تسألوني من هو الاعظم في الملكوت فأجيبكم هو الطاهر الوديع الذي يحاكي الطفل في نقاء القلب وسذاجته ودعته .
عدد 5 : ومن قبل ولداً واحداً مثل هذا باسمي فقد قبلني .
أي ان الذين يكرمون الودعاء مثل الصبي اياي يكرمون .
عدد 6 : ومن أعثر احد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له ان يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر .
كذلك الذين يسيئون الى الودعاء مثل هذا الصبي فاني أجلب الإساءة عليهم اضعافاً . والمقصود من كلمة الشك السب والاحتقار . ولم يقل ان يعلق حجر الرحى في عنقه بل أجدر له لو علق وذلك ليبين وخامة الشر والعقوبة المتربة عليه . ثم وجه كلامه الى العامة فقال :
فعدد 7 : ويل للعالم من العثرات ! فلا بد ان تقع العثرات ، ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تأتي العثرة !
يريد بالعالم الناس الاشرار والخطأة الذين يجلبون الشكوك كما قال القديس ساويرس . ويريد بالشكوك القتال الخصومة الضربات القتل الزنى السرقة وغير ذلك . وقد جرت عادة الكتاب ان يسمي الناس الاشرار عالماً كقوله ” لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ( يو 15: 19 ) لان العالم كله قد وضع في الشرير ( ايو 5: 20 ) وكقوله لينقذنا من العالم الحاضر الشرير ( غلا 1: 4 ) وقد تنبأ له المجد بوقوع الشكوك وأعطاهم الويل ليحذرهم من غائلتها ويجعلهم مستيقظين ونبه التلاميذ أيضاً لانه يرسلهم الى القتال داخلاً وخارجاً . ثم ان الانسان متروك لحريته وارادته الذاتية فاذا وقعت منه المعاثر والشكوك وقع تحت طائلة اللوم والمسؤولية . وبقوله ” لابد ان تقع الشكوك ” لم يسلب منهم حريتهم لكنه لما كان قد سبق فرأى بواسع علمه استحكام ذلك الداء الوبيل ليس له شفاء في قلوب أهل العالم تنبأ بوقوع الشكوك . فمثلهم معهم مثل الطبيب الذي يهتم بالمريض ويصف له العلاج الناجع فاذا عمل بأمره شفي والا رزح تحت أثقال مرضه وحينئذٍ يحق للطبيب ان يقول الويل لفلان من مرضه . ورب معترضٍ يقول اذا كان لا بدّ من وقوع الشكوك فكيف يمكن الخلاص منها ؟ فنجيب ان الشكوك لا بدّ ان تقع ولكن الهلاك غير محتم وباب الخلاص غير موصد فاذا قال الطبيب ان فلاناً لا بدّ من معاناته تباريح المرض لم يستلزم ذلك موته ضرورة لان سبيل الخلاص لا يزال مرجواً فمن لم يهتد اليه حق عليه الموت والهلاك فالناس بحسب حريتهم فريقان مهتد وضال والشكوك لا بدّ من وقوعها فمن اعترته اسقامها وغفل وتهاون حل به الهلاك ومن استمسك بعرى النجاة وسهر على مقاومة التجارب بقوة الروح نجا من الداء ونال الشفاء . ويقول البعض ان قوله لا بدّ ان تقع الشكوك يطلق عن آلام سيدنا وموته لان هذه الحوادث كان وقوعها محتماً ويستدلون على ذلك من قوله عن حبة الحنطة ان لم تمت لم تأت بثمر . ومن قول بولس الرسول ” لكي بموته يبطل الذي بيده عز الموت وهو ابليس ( عب 2 : 14 22 ) وكما ان موته كان عن ضرورة وابطاله الموت كان أيضاً عن ضرورة فتجديد جنسنا أيضاً عن ضرورة . ولكن لا يلزم عن ذلك ان فاعلي الاثم يفعلونه عن ضرورة لان لهم حرية الاختيار ولذلك أعطى الويل لذلك الذي على يده تقع الشكوك أما زعم البعض ان خيانة يهوذا كانت عن ضرورة فباطل لأنه لو صح هذا الوهم لما كان قد شق بطنه وخنق نفسه . وقوله ” عن يديه تقع الشكوك ” يعني منه لان قد جرت عادة الكتاب ان يقول بيديه او بواسطته عوضاً عن منه كقوله ” صادق الذي هو بيده دعيتم ” يعني منه . والويل المذكور هنا هو موجه للمضلين الذين يلقون العثرات في طريق السذج فيضلون السبيل ويتزعزع إيمانهم .
عدد 8 : فإن اعثرتك يدك او رجلك فاقطعها والقها عنك . فخير لك ان تدخل الحيوة وأنت اعرج او اقطع من ان تلقى في النار الابدية ولك يدان او رجلان .
عدد 9 : وان اعثرتك عينك فاقلعها والقها عنك . فخير لك ان تدخل الحيوة اعور من ان تلقى في جهنم النار ولك عينان .
من هنا تعلم ان الشكوك لا تأتي عن ضرورة بل عن الارادة . فان كان لك أخ او محب ولو كقرب يدك منك ورأيت منه ما يشككك في طريق الإيمان والحق فاقطعه . وكذلك ان وجد في الكنيسة أخ بدا منه ما يعثر الآخرين فلا تشفق عليه بل اقطعه لانه خير لك ان تصير غريباً عن الاخ الممثل بالعين لتدخل الملكوت . والا فاذا جاريته وقعتما كلاكما في جهنم .
عدد 10 : انظروا ، لا تحتقروا احد هؤلاء الصغار ، لأني أقول لكم : ان ملائكتكم في السموات كل حين ينظرون وجه ابي الذي في السموات .
لا يعني بالصغار صغار القامة بل المحسوبين عند العالم صغار المقام ولكنهم عند الله مكرمين فهؤلاء يجب علينا اكرامهم والا نحتقر احد . ان الملائكة يصحبون حميع الناس لحراستهم كما قال الذين كانوا في بيت مريم ام يوحنا الملقب مرقس عن بطرس ” انه ملاكه ” ( اع 12: 15 ) . وقال ابينا يعقوب الملاك الذي خلصني من كل شرتك 48 : 16 وقال الرسول لذلك ينبغي للمرأة ان يكون لها سلطان على رأسها من أجل الملائكة ( اكو 11: 10 ) ثم انه أراد بقوله ” وجه ابي ” ان يخبرهم عن الدالة التي لهم عند الله وعما يخصهم الله من المكاشفة حيث تعاين ملائكتهم أعمال أبيه السماوي نحو مخلوقاته .
مثل الخروف الضائع
عدد 11 : لأن ابن الانسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك .
يشير الى موته الذي جاء من أجله حتى يموت على الصليب بالجسد ليحيي الانسان الهالك بالخطيئة .
عدد 12 : ماذا تظنون ؟ ان كان لإنسان مئة خروف ، وضل واحد منها ، أفلا يترك التسعة والتسعين على الجبال ويذهب يطلب الضال ؟
عدد 13 : وان اتفق ان يجده ، فالحق اقول لكم : انه يفرح به اكثر من التسعة والتسعين التي لم تضل .
يسمي المسيح نفسه انساناً والخراف الملائكة وبني البشر والذي ضل من الخراف هو الجنس البشري واما التسعة والتسعين فهم الملائكة الكثيرو العدد . واما الجبال فيقصد بهم السماوات . وقوله ” يمضي في طلب الضال ” أي انه صار انساناً وطلب آدم الضال ومات عوضه وقوله ” يفرح به اكثر من التسعة والتسعين ” يفيد وجوب اكرام الصغار . كما انه اذا كان لاحد خراف وضل احدها فيترك البقية ويمضي طالباً ذلك الضال . فان كان الله هكذا يفرح بالصغار حين يجدهم فكيف نحتقر نحن الذين يهتم بهم الله .
عدد 14 : هكذا ليست مشيئة امام ابيكم الذي في السموات ان يهلك احد هؤلا الصغار .
فان كانت ارادة الآب ان لا نهلك لكنه يفرح برجوعنا فكيف نحن البشر نحتقر من هم مثلنا
ويزيد لوقا على ذلك قوله
لو 15: 8 أم اية امرأة اذا كان لها عشرة دراهم فاضاعت منها درهماً واحداً لا توقد سراجاً وتكنس البيت وتطلبه باهتمام حتى تجده
وهنا أنث اللاهوت فكنى عنه بامرأة كما كنى عنه بالحكمة وكذلك اليونان يؤنثون أقانيم الثالوث . وكما ان المرأة والدة البنين هكذا الله خالق المخلوقات وكما ان المرأة هي رحيمة على ابن احشائها هكذا الله يترحم على مخلوقاته . العشرة دراهم كناية عن الملائكة والعشرة تدل على الكثرة والدرهم الضائع هو الجنس البشري والسراج هو جسده الذي اناره بهاء لاهوته . ويراد بالبيت العالم وبالمحبين والجيران الملائكة الذين يفرحون بالخطاة التائبين وقد سماهم محبيه لانهم يعملون ارادته . وقد سماهم جيرانه لا لمناسبة المكان لكن لانهم روحانيون وغير مجسمين . ثم يسمى جسده سراجاً والعالم بيتاً لان جسد الابن قد اضاء للعالم بالتعليم وبعمل الآيات والمعجزات ازيد مما يضي السراج البيت .
ان أخطأ اليك أخوك
عدد 15 : اذا أخطأ اليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما . ان سمع لك فقد ربحت اخاك .
أي انك اذا شتمت أو أهنت وما اسأت ، عليك ان تذهب الى من اهانك وتصالحه وترجعه لانه يستحي ويخجل ان يأتي اليك لان الخجل من الخطيئة يظلم الفكر وقوله ” عاتبه ” اي لا توبخه امام الآخرين بما قد فعل من الاساءة بل وبخه على انفراد . ( وان سمع منك ) أي ان لام نفسه ورجع فتكون قد ربحت ربحاً مضاعفاً .
عدد 16 : وان لم يسمع ، فخذ معك واحداً او اثنين ، لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة .
أي ان لم تستطع ان تصلحه أعانوك على اصلاحه وليشهد الشهود بانك أكملت الواجب ولم تنقص شيئاً مما يجب .
عدد 17 : وان لم يسمع لهم فقل للكنيسة ، وان لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار .
يراد بالكنيسة الاسقف صاحب الكرسي . ويقول البعض انه يقصد بالكنيسةة جماعة المؤمنين . فان لم يسمع للاسقف ولا للكهنة ولا لجماعة المؤمنين فانه مريض مرضاً لا شفاء له . ويريد بالوثني المتمادي في شروره .
عدد 18 : الحق أقول لكم : ان كل ما تربطونه على الارض يكون مربوطاً في السماء ، وكل ما تحلونه على الارض يكون محلولاً في السماء .
أي اذا ربطه الاسقف وأخرجه من البيعة فهو مربوط في السماء . فيبقى هنا مربوطاً بالحكم عليه وهناك بالعذاب . ولم يحتم بربطه بل سوغ ربطه حتى يبقى مهدداً فيخاف عقاب الربط .
عدد 19 : وأقول لكم أيضاً : ان اتفق اثنان منكم على الارض في اي شيء يطلبانه فانه يكون لهما من قبل أبي الذي في السموات ،
كثيرون يسألون متفقين فلا تجاب طلباتهم لانهم غير مستحقين او لان طلباتهم غير نافعة في نظر الله كما سأل بولس مرة فأجابه تكفيك نعمتي أولانهم يطلبون انتقاماً من الذين أوقعوا بهم ضرراً وهذا غير جائز للمسيحي أو الذين يطلبون لاجلهم غير مستحقين لانهم قد اخطأوا ولم يندموا. كما قال الله لارميا . لا تصل لاجل هذا الشعب فاني لا اسمعك ( ار 7: 16 ).
عدد 20 : لانه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسـمي فهناك أكون في وسـطهم “ .
ليس العبرة هنا باجتماع اثنين او ثلاثة بل ان يجتمعوا باسم المسيح بروح المحبة وقد يجتمع كثيرون لاجل أمور عالمية ويحبون بعضهم بعضاً فهؤلاء لا يكون المسيح بينهم لانه لا يسكن الا حيث توجد الامانة والرجاء والمحبة . وكذلك حيث يوجد تكون النفس والجسد متفقين وخاضعين لارادة الله . وفي رأي آخرين انه يوجد النفس والعقل والجسد فنجيبهم ان كل انسان خاطئاً كان او باراً مركب من هذه الثلاثة لكن لا يسكن الله في الانسان اذا كان منافقاً . والحيوانات غير الناطقة هي ذات جسد ونفس غير ناطقة وتنقسم الى اثنين من جهة التركيب ولكن الله لا يسكنها . ثم نقول ان العقل ليس شيئاً آخر غير النفس بل ان الانسان قد يسمى نفساً أو عقلاً او روحاً بحسب طهارته ويوجد من يقول ان سراج الجسد هو العين وسراج النفس العقل وقد كتبنا عن ذلك باسهاب في كتاب علم اللاهوت وعلم الطبيعيات فليراجع .
المغفرة للآخرين
عدد 21 : حينئذٍ تقدم اليه بطرس وقال له : “ يا رب ، كم مرة يخطئ الي أخي وأنا اغفر له ؟ هل الى سبع مرات ؟ “
قال حينئذٍ اي في ذلك الزمان الذي وضع فيه المسيح الناموس حيث قال ان الذي يخطئ ولم يتب فليكن عندك كالوثني والعشار . فسأل بطرس ان الذي يخطئ ويتوب أيكفيه ان أغفر له سبع مرات ظاناً ان السبع مرات عدد كبير .
عدد 22 : فقال له يسوع : “ لا أقول لك الى سبع مرات ، بل الى سبعين مرة سبع مرات .
وليس المعني ان المسيح حدد الغفران في هذا العدد بل اوجبه في كل حين وبلا حد .
عدد 23 : لذلك يشبه ملكوت السموات انساناً ملكاً اراد ان يحاسب عبيده .
اراد بالملكوت الانجيل اي البشارة الجديدة وبالملك الله الآب وبعبيده بني البشر . اما الحساب فعن مقدار الذنوب التي قد غفرها لهم لكي يكونوا هم أيضاً رحماء فيغفروا لغيرهم .
عدد 24 : فلما ابتدأ في المحاسبت قدم اليه واحد مديون بعشرة آلاف وزنه .
ليس المقصود بالوزنات كثرة الذهب والفضة بل الخطايا التي قد فعلناها بلا عدد امام الله سواء كانت خطايا عامة او خاصة يعملها كل الناس او يعملها كل واحد حسب اختراعه . وقال آخرون ان العشرة آلاف وزنه هي الديون التي علينا لله والمئة دينار هي مواجبنا لبعضنا . والوزنة مائة وخمسون رطلاً والرطل اثنان وسبعون ديناراً والدينار درهم ونصف .
عدد 25 : واذ لم يكن له ما يوفي امر سيده ان يباع هو وامرأته وأولاده وكل ماله ، ويوفي الدين .
قال ذلك ليبين جسامة الدين وخطارته وانه ماله وفاء .
عدد 26 : فخر ذلك العبد ساجداً له قائلاً : ياسيد ، تمهل علي فاوفيك كل مالك .
ان سجوده ملتمساً امهاله واقراره بانه سيوفي لهو عمل حسن يستحق عليه الغفران واما عمله الاخير فمقوت ومرذول .
عدد 27 : فتحنن سيد ذلك العبد واطلقه وترك له الدين .
هذه الآية تبين لنا رحمة الله الواسعة .
عدد 28 : ولما خرج ذلك العبد وجد واحداً من العبيد رفقائه ، كان مديوناً له بمئة دينار . فامسكه وأخذ بعنقه قائلاً : اوفني مالي عليك .
عدد 29 : فخر العبد رفيقه على قدميه وطلب اليه قائلاً : تمهل علي فاوفيك الجميع .
عدد 30 : فلم يرد بل مضى والقاه في سجن حتى يوفي الدين .
انظر الى وقاحة ذلك العبد فان سيده ترك له عشرة آلاف وزنه وهو لم يمهل رفيقه على مئة دينار لكنه أخذ يخنقه ثم طرحه في السجن .
عدد 31 : فلما رأى العبيد رفقاؤه ماكان ، حزنوا جداً . وأتوا وقصوا على سيدهم كل ما جرى .
ان ذلك العبد لم يفعل حسناً لا لله ولا لرفيقه ولا للناس وذلك واضح من ان العبيد جاءوا واعلموا سيدهم بما جرى .
عدد 32 : فدعاه حينئذٍ سيده وقال له : ايها العبد الشرير ، كل ذلك الدين تركته لك لانك طلبت اليّ .
لم يسمه في المرة الاولى شريراً لكنه تحنن عليه . فلما راى قسوة قلبه سماه شريراً وغضب عليه
عدد 33 : أفما كان ينبغي أنك انت أيضاً ترحم العبد رفيقك كما رحمتك انا ؟
اي ما اعظم جرمك قد تركت لك الوزنات الكثيرة وبطلبة صغيرة أرضيتني كما يجب عليك ان ترحم رفيقك وتترك له المئة الدينار .
عدد 34 : وغضب سيده وسلمه الى المعذبين حتى يوفي كل ما كان له عليه .
فكما انه لا يقدر ان يوفي ولا فلس كذلك جلده يكون بلا نهاية حتى يوفي . وفي ذلك اشارة الى العذاب الذي لا نهاية له .
عدد 35 : فهكذا ابي السموي يفعل بكم ان لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لاخيه زلاته “ .
اي مثلما عاملت رفيقك هكذا سيعاملك الله . ولم يقل ابوكم ههنا لان ذاك العبد والذين على شاكلته في الحقد لا يدعي الله اباهم . وبقوله ” من قلوبكم ” اوجب الغفران قلباً وفماً . ولكي لا يتعلل احد قائلاً لا اغفر لرفيقي لانه وبخني امام الناس فنجيبه ان من وبخك جعل نفسه مذنباً امام الله .