قيامة يسوع من الموت – تضلضل رؤساء اليهود – المسيح يظهر لتلاميذه
قيامة يسوع من الموت
عدد 1 : وبعد السبت عند فجر أول الاسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر .
نتكلم عن تقسم البعض على الاوقات التي كتب عنها كل من الانجيليين . لا عن الوقت الذي قام فيه ربنا من القبر . فان ذلك غير معلوم لا للملائكة ولا للبشر . ما يرويه متى ان النساء جاءت للقبر في غلس السبت يرويه يوحنا انهن جئن في الصباح ويرويه لوقا انهن اتين سحراً ويرويه مرقس انهن اتين لما أشرقت الشمس . وتفصيل ذلك ان مريم المجدلية ومريم والدة الله جاءتا لتنظرا القبر في غلس السبت وتبشرتا من الملاك ان ربنا قد قام ورأتا ربنا ومسكتا رجليه وارسلهما لتبشرا التلاميذ بانه قد قام اما الحراس فدخلوا المدينة واعلموا الكهنة بقيامة المسيح فاعطوهم رشوة ليقولوا ان تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه فاذاعوا الخبر ولما بلغ مريم المجدلية ان جسده قد سرق ارتابت ورجعت الى القبر ثانية في الصباح كما قال يوحنا ورأت الحجر مدحرجاً والملاك جالساً وهو الذي رأته قبل بقليل جالساً على الحجر فازداد ريبها وجاءت الى سمعان ويوحنا وقالت قد أخذوا سيدي من القبر ولست اعلم أين وضعوه وللحال مضى التلميذان المذكوران ونظرا القبر واللفائف فتحققا القيامة ورجعا مؤمنين . اما المجدلية فظلت واقفة عند القبر مرتبكة فحانت منها التفاتة الى القبر فنظرت الملاكين اللذين تراءيا لسمعان ويوحنا . . ثم التفتت الى ورائها فرأت سيدنا فارسلها الى تلاميذه فرجعت وبشرتهم انها قد رأت الرب ووجدت هناك النسوة اللواتي بالهام رباني كن مستعدات ليمضين للقبر حاملات طيباً . فرجعت معهن هي ووالدة الله التي يسميها لوقا أم يعقوب ويوسي وكان الوقت قبل طلوع الشمس بقليل ورأت هناك ملاكين بهيئة رجلين ولباسهما يلمع ووجوههما مضيئة . حينئذٍ انضم الى المجدلية ومريم والدة الله امرأة غريبة اسمها سالومي وهي التي كانت مع النساء الاوليات ورأين ملاكاً بهيئة شاب متردي حلة بيضاء فدهشن وكان الوقت عند طلوع الشمس كما ذكر مرقس . فهذه هي تراتيب الاوقات الاربعة التي رواها كل من الانجيليين والتي مضين النسوة فيها الى القبر اما القديس ساويرس فكتب عن الاوقات التي مضين النسوة فيها الى القبر هكذا . ان المجدلية ذهبت خمس مرات للقبر . مرة في المساء كقول متى في عشية السبت ومرة ثانية في وقت الصباح غلساً وكانت وحدها كقول يوحنا ومرة ثالثة مع سمعان ويوحنا ومرة رابعة مضت مع يوحنا وام يعقوب غلساً أي قبل طلوع الشمس . ومرة خامسة عندما أشرقت الشمس مع صالومي وام يعقوب كقول مرقس . أما مريم والدة الله فمضت ثلث مرات كما يستفاد أولاً من قوله ( ومريم الأخرى ) ثانياً من قول لوقا ( ومريم أم يعقوب ) ثالثاً من قوله مرقس ( ومريم أم يعقوب ويوسي ) . اما يعقوب الرهاوي فيقول ان مريم الأخرى هي امرأة يوسف الاولى التي ولدت يعقوب ويوسي . وساويرس البطريرك يقول ان مريم الأخرى هي والدة الله وقد سماها الكتاب أم يعقوب ويوسي لانها كانت في الظاهر أماً ليعقوب ويوسي . أما سمعان فقد مضى الى القبر مرتين المرة الاولى مع يوحنا كما قال يوحنا . والمرة الثانية وحده كما قال لوقا انه مضى متعجباً في ذاته مما كان . وبهذه المرة رأى المسيح كقول لوقا عن التلميذين اللذين ظهر لهما المسيح في الطريق واسم احدهما كليوباس ان في رجوعهما الى اورشليم وجدا الاحد عشر مجتمعين وهم يقولون بالحقيقة ان الرب قام وظهر لسمعان ( لو 24 : 33 و 34 ) وبولس ايضاً يشهد ان المسيح ظهر له وللاثني عشر ( كو 15 : 5 ) ثم نقول ان في الوقت الذي قام فيه ربنا من القبر ففيه بعينه مزمع ان يأمر بالقيامة العامة كقول القديس ساويرس لان ساعة قيام المسيح التي فيها ارتعد الحراس تناسب ان تكون مثالاً وصورة لتلك الساعة الأخيرة المخوفة . اما عشية السبت فلا تطلق على وقت غروب الشمس فقط بل على كل أجزاء الليل حتى صباح الاحد والا لقال في العشية وسكت ولكن لانه زاد فقال غلساً فهم انه الليل الذي يعقبه صباح الاحد . وقيامة المسيح كانت قريباً من وقت صياح الديك وفي مثل هذا الوقت نحل الصيام لا في اول المساء . وقال آخرون ان قول متى من عشية السبت يعني كل الليل الذي صباحه يوم الاحد قال ذلك حسب عادة الكتاب من باب تسمية الجزء باسم الكل كقوله وكان مساء صباحاً يوماً واحداً . ثم ان الرب ترآءى يوم قيامته مرات متعددة المعروف منها ستة . اولها للمجدلية ولمريم الأخرى كما قال متى . ثانياً لنساء كثيرات كما قال مرقس ( 16: 1 ) ولوقا ( 24 : 1 ) ثالثاً للمجدلية كما قال يوحنا ( 20 ك 16 ) رابعاً لبطرس كما قال بولس ( كو 15 ك 5 ) خامساً للتلميذين الذين كانا منطلقين الى عماوس كقول لوقا ( 24 : 31 ) . سادساً للاحد عشر والذين معهم في علية صهيون ( لو 24 : 33 36 ) . وبعد هذه ظهر مرات كثيرة مدة الاربعين يوماً ولم تخبر مريم المجدلية ومريم والدة الله سالومي ويوحنا بالقيامة لكي يمضين ويتحققن ذلك من رؤيه القبر والملائكة اما قولهن من يدحرج لنا الحجر فقد قيل من سالومي ويوحنا لان المجدلية والدة الله رأتا اولاً الحجر مدحرجة وقوله لتنظرا القبر لتبخرا القبر في اليوم الثالث كالمعتاد . قال قوم انهن كن يبخرن القبر . اما نحن فنقول انهن كن يبخرن الجسد وذلك واضح من قول مرقس ( انهن اشترين طيباً ليأتين ويدهنه ) ومن قولهن من يدحرج لنا القبر .
عدد 2 : واذا زلزلة عظيمة حدثت . لان ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه .
هذه الزلزلة ليست كالتي حدثت عند الصلب . فان تلك كانت عمومية وأما هذه فخصوصية لان الحراس والنسوة فقط شعروا بها . فالحراس ارتعدوا وخافوا والنساء تشجعن وتجرأن . والملاك الذي دحرج الحجر كان جبرائيل لانه هو الذي خدم كل التدبير وترآءى معه ميخائيل أيضاً . وقيل عن الملاك انه ( نزل من السماء ) ذلك لان مسكنهم السماء . وقال القديس يعقوب السروجي انه ترآءى للحراس ناراً وضجة ملائكة مسموعة في الفضاء . ورأوا وجهاً لوجه المسيح خارج من القبر . وقد نزل مع الملاك ملائكة أخر ونور يشعشع وكانت سلم من نار منصوبة من الارض الى السماء والمسيح قايم اسفلها ولم يكن نازلاً من اعلاها بل صاعداً من اسفلها الى فوق . والملائكة صاعدون ونازلون ويمجدون . وقال متى ان في غلس السبت جاءت مريم ورات سيدنا . وان الحرس دخلوا ليلاً واخبروا رؤساء الكهنة انه قام فاعطوهم فضة ان يقولوا ان تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ولما سمع ان جسده سرق تألمت المجدلية واسرعت الى القبر كما كتب يوحنا وبعد ذلك رجعت مع النساء حاملات البخور الى القبر كما قال لوقا . ولما أشرقت الشمس رجعت مع يوحنا أيضاً كما كتب مرقس . أما الملائكة التي ترآءت عند القبر فستة . لان متى قال ان النساء رأين واحداً او لوقا قال انهن رأين ملاكين ويوحنا قال انهن رأين ملاكين ومرقس قال انهن رأين واحداً والحراس عندما راوا ان الرب قد قام حقاً وختومات الحجر باقية خافوا . وفي الوقت الذي جاءت النساء الى القبر نزل الملاك ودحرج وخوفاً منه ارتعد الحراس وصاروا كالموتى واما النساء فرأينه جالساً على الحجر يشبه البرق وقال لهن بهدوء لا تخفن اي كالحراس . وبعدما قوى قلبهن بشّرهن عن القيامة ولما مضت النساء استيقظ الحراس ودخلوا المدينة مسرعين واعلموا عظماء الكهنة بما قد صار . والملاك لم يدحرج الحجر كي يخرج المسيح لانه كان قد قام قبل ان ينزل الملاك لكن من أجل النساء اللواتي كن رأينه لما وضع في القبر ولكن يؤمنن اذا رأين القبر فارغاً والمسيح ليس فيه . ولسائل كيف يمكن ان يخرج الجسم من باب مغلوق ؟ الجواب ان الذي خرج من البطن والختومات محفوظة واظلم الشمس واحيا الموتى كل شيء مستطاع لديه لانه اذا كان الملاك قد دخل الى دانيال والبئر مختوم والرسل خرجوا من بيت السجن وهو مغلوق وسمعان مشى على الامواج فكيف لا يقدر خالق الكل ان يخرج من القبر وهو مختوم.
عدد 3 : وكان منظره كالبرق ولباسه ابيض كالثلج.
عدد 4 : فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كأموات.
قد جرت عادة الملائكة ان يترآءوا للبشر بحسب الاحوال الحاضرة والامور التي يتداول فيها الناس .فقد ترآءوا ليشوع بن نون ولداود النبي كالاجناد حاملين السلاح . ولزكريا بالوان واشكال حمر وبلق ( زك 1: 8 و9 ) . اما للنساء فبهيئة جميلة مفرحة وللحراس بهيئة مخيفة . ولسائل لماذا ظهرت القيامة اولاً للحراس ؟ الجواب لان اليهود كانوا يصدقون كلامهم اكثر من كلام التلاميذ والنساء . وقد اعتاد الله ان يجذب الناس اليه فيما هم اليه مائلون كما جذب المجوس بواسطة النجم.
عدد 5 : فأجاب الملاك وقال للمرأتين لا تخفا انتما . فإني أعلم انكما تطلبان يسوع المصلوب.
قد عزى الملاك للنسوة برويته المبهجة وبكلامه . وقوله ( أنتن ) فهو بالمنظر الى الصالبين لان الخوف نصيبهم . أما النسوة فيستحقن الاكرام . وقوله قد علمت انكن تطلبن يسوع المصلوب اي لتكرمنه لا لتستهزين به كالصالبين . ان الملاك لم يخجل ان يقول ( المصلوب ) واما الخلقيدونيون والنساطرة فانهم يخجلون من ان يقولوا يا من صلبت عوضاً ارحمنا مع ان بدء كل خير هو الصليب.
عدد 6 : انه هو ههنا لأنه قام كما قال . هلما انظرا الموضع الذي كان الرب مضطجعاً فيه.
( تعالين وانظرن المكان ) اي لتتحققن القيامة . وقد تحقق سمعان ويوحنا قيامة سيدنا من رؤية الملائكة وكلامهم ومن رؤية مخلصنا.
عدد 7 : واذهبا سريعاً قولا لتلاميذه انه قد قام من الاموات . ها هو يسبقكم الى الجليل . هناك ترونه ها انا قلت لكن.
أي فلأنكن استفدتن معرفة عن القيامة من رويتي وكلامي معكن فاذهبن وبشرن التلاميذ انه قد قام وهو يسبقكم الى الجليل . ولسائل متى قال السيد لتلميذه اني اسبقكم الى الجليل ؟ والجواب انه قال ذلك بعدما شكروا وجاءوا الى جبل الزيتون . اما الجليل فمعناه التدحرج . والكلام الذي تكلم به السيد كأنه تدحرج من الجبل وامتد واتسع الى العالم كله واهتدى به كثيرون . ولسائل لماذا نبه سيدنا النسوة ليقلن للتلاميذ من الصالبين فأراد ان يأخذهم الى هناك ليذكرهم بتعاليمه واعماله التي اثبتها بقيامته . وليس المعنى انه لا يترآءى لهم الا في الجليل . وقال آخرون وهم صادقون ان المسيح امرهم ان يذهبوا الى الجليل ليترآءى لهم هنام لاجل المؤمنين الكثيرين الذي آمنوا به ولاستحقاقهم رأى ان يترآءى لهم ويعزيهم ويزيدهم معرفة عن قيامته . وعن هؤلاء المؤمنين الجليليين قد قال بولس الرسول ان الرب ترآءى لاكثر من خمسمئة أخ معاً أكثرهم باق الى الآن ( اكوه 1: 6 ) . وليس عن اولئك الذين قاموا في وقت آلامه لان اولئك لم يتعاطوا بالعالميات.
عدد 8 : فخرجنا سريعاً من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه.
عدد 9 : وفيذا هما منطلتان لتخبرا تلاميذه اذا يسوع لاقاهما . وقال سلام لكما . فتقدمتا وامسكتا بقدميه وسجدتا له.
( بخوف) من رؤية الملاك ومن أجل الزلزلة ( وبفرح ) لانهن تبشرن عن القيامة وقد اعطاهن السلام ليزيل عنهن الخوف . ولم يستعمل لفظة السلام حتى الآن لكي يبتدي بالسلام بقيامته . ان اللعنة دخلت بواسطة المرأة والسلام أيضاً دخل بواسطتهن فليخز المتكبرون الذين ينظرون ان السيد يعطي السلام اولاً لجنس النساء الضعيف وليس للرجال وبمسكهن رجليه تحققن القيامة وبسجودهن له أعلنن انه اله يجب له السجود اكثر من الكل لانه زرع بالسلام والامن بين السماويين والارضيين.
عدد 10 فقال لهن يسوع لا تخفا . اذهبا قولا لاخوتي ان يذهبوا الى الجليل وهناك يروني.
بما ان النساء ادخلن الحزن الى العالم فلاجل ذلك هن راين القيامة اولاً واياهن أرسل السيد ان يبشرن العالم ببشارة الفرح . هذا والجنس المقطوع من الكرامة اياه اكرم . وهذه اول مرة دعا سيدنا تلاميذه اخوته واظهر نسبتهم اليه . لان قبل القيامة كان يدعوهم تلاميذي واحبائي . وبما انه سماهم اخوته فلا شك انهم كانوا بنيناً لابيه من قبل . ثم كونه ولد من القبر بحياة عديمة الفساد فدعاهم اخوته لانهم قد ولدوا بحياة القيام.
تضلضل رؤساء اليهود
عدد 11 : وفيما هن ذاهبتان اذا قوم من الحراس جاءوا الى المدينة وأخبروا رؤساء الكهنة بكل ما كان.
أي أخبروا عن الزلزلة وعن الملائكة والنور الذي رأوا وكيف ان مخلصنا قد خرج من القبر والحجر مختومة وقد قال البعض ان رؤساء الكهنة لما بلغهم هذا الخبر فلكي يتحققوه خرجوا رأوا اختامهم سالمة لم تنزع وقال آخرون انهم خافوا ولم يخرجوا مع الحراس لفحص الخبر لكنهم قبلوا كلامهم .
عدد 12 : فاجتمعوا مع الشيوخ وتشاوروا واعطوا العسكر فضة كثيرة.
أي الفضة التي كانت باقية من التي اعطوها ليهوذا .
عدد 13 : قائلين . قولوا ان تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ونحن نيام .
هذا الكلام غير معقول لانهم ان كانوا نائمين فمن اين عرفوا ان تلاميذه سرقوه . واذا كانوا مستيقظين لِمَ لم يمسكوهم فقولهم ان تلاميذه سرقوه يجعلهم مذنبين لان النائم لا يعرف من هو السارق . ولو اراد تلاميذه ان يسرقوه لسرقوه ليلة السبت أي الجمعة مساء حين لم يكن حراساً ولا جنداً عند القبر وعدا هذا ان التلاميذ بعد القيامة بكل صعوبة اقتنعوا انه قام فكيف وهو ميت يعزمون على ان يسرقوه وكيف كانوا يقدمون على مثل هذا العمل وهم يوصدون الابواب ولا يظهرون خيفة من اليهود . ثم نقول ان كان سمعان سرق جسداً ميتاً فكيف رضي ان يموت مصلوباً بعكس عادة المصلوبين لاجل جسد ميت . وكذلك كيف يعقل ان يرتضى باقي التلاميذ ان يتعذبوا باشد العذابات لاجل انسان ميت سرقوه هم وادعوا انه قام .
عدد 14 : واذا سمع ذلك عند الوالي فنحن نستعطفه ونجعلكم مطمئنين .
عدد 15 : فأخذوا الفضة وفعلوا كما علموهم . فشاع هذا القول عند اليهود الى اليوم.
( اذا سمع هذا ) اي بان نحن علمناكم ان تقولوا ان تلاميذه سرقوه . ان اليهود الذين آمنوا بربنا رفضوا هذا الكلام رفضاً باتاً واما الاعداء فادعوا به مع ان الامر مؤكد ان سيدنا قد قام حقاً لان اثنين وسبعين امة تعترف بقيامته . ثم ان المسيح قام في يوم الاحد لان في يوم الاحد خلق المخلوقات وفيه كان يجب ان يجددهم . وفي شهر نيسان صارت القيامة لانه الشهر الاول للسنة اليهودية . ولسائل لماذا مكث في القبر ثلاثة أيام ؟ الجواب لان في اليوم الاول طهر آدم وكل جنسه من الخطيئة وفي اليوم الثاني طهر جنس النساء وفي اليوم الثالث قتل الشيطان الذي ما اراد ان يخلص من الخطيئة ونقض سلطته وأخرب خزائنه .
يجب ان نفحص عن كيفية الثلاثة الايام التي مكث سيدنا في قلب الارض . فقوم اعتبروا ليلة الجمعة مع ست ساعات النهار منه يوماً واحداً وثلاث ساعات الظلمة مع الثلاث الساعات التي تليها من النهار يوماً ثانياً وليلة السبت مع نهاره يوماً ثالثاً مع ان هذا التفسير الذي اعتبر فيه الظلمة ليلاً ولم يعتبر من يوم الاحد شيئاً مخالف لما تعتقده الكنيسة من ان المسيح قام يوم الاحد . وحسب غيرهم من الساعة الثالثة من يوم الجمعة الى الساعة السادسة يوماً كاملاً وثلاث ساعات الظلمة مع الثلاث ساعات التي تليها يوماً ثانياً وهذا التفسير ايضاً ملام لانه حسب الظلمة ليلاً مع ان زكريا النبي يقول ان في ذلك اليوم لا يكون ضياء وان ذلك اليوم لا يعرف عند الرب وكذلك اليونانيون والارمن الذين يعتبرون الظلمة التي حدثت وقت الصليب ليلاً وان النهار سابق الى الليل ملومون لان الكنيسة تعتبر ابتداء العيد من مساء السبت . اما نحن فنقول ان الكتاب المقدس والعادة يعتبران النهار مع الليل يوماً واحداً وان الليل سابق للنهار والدليل على ذلك ان موسى النبي أمر ان يبتدوا بعيد الفصح من عشية اليوم الرابع عشر . وان عطلة السبت تبتدئ من مساء الجمعة . فلنأت ببرهان على ذلك وهو انه اذا عمل احد عملاً في اول ساعة من يوم الاحد شمل عمله هذا الاحد كله . فتكون الايام التي مكث فيها سيدنا في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال فصلب يوم الجمعة فعدت الثلاث الساعات من يوم الجمعة التي دفن فيها يوماً كاملاً وذلك من باب تسمية الجزء باسم الكل . ثم اعتبرت ليلة السبت مع نهاره يوماً ثانياً والجزء من يوم الاحد الذي قام فيه يوماً ثالثاً باعتبار الجزء من الكل . وكذا ان يونان بقى في بطن الحوت في مثل الوقت الذي بقى فيه المسيح داخل القبر وفي مثل الوقت التي خرج فيها من بطن الحوت خرج المسيح من القبر اذ لم يبق يونان كذلك ثلاثة أيام وثلاث ليال كاملة في بطن الحوت وآخرون حسبوا الثلاثة ايام ابتداء من العشاء الرباني ولكن اعتبارهم هذا مردود من قول السيد لتلاميذه فلنصعد الى أورشليم وابن الانسان يسلم . فيجلدونه ويحكم عليه بالموت . فينتج مما تقدم ان المسيح لم يحسب الثلاثة الايام من وقت العشاء لكن من بعد الجلد والصلب ويتضح من قول الملاك للنسوة ( اذكرن كيف كلمكن وهو في الجليل اذ قال ان ابن البشر يسلم الى ايدي اناس خطاة ويصلب ويقوم في اليوم الثالث 24: 6و7 ) ولو قول بولس انه قام في اليوم الثالث . ومن قول ال 318 اب في الامانة انه قام في اليوم الثالث . انه يحسب من تسع ساعات الجمعة الى الساعة التي قام فيها مخلصنا من القبر ثلاثة ايام.
المسيح يظهر لتلاميذه
عدد 16 : واما الاحد عشر تلميذاً فانطلقوا الى الجليل الى الجبل حيث أمرهم يسوع.
لا لانهم لم يروا المسيح ولم يظهر لهم أمرهم بذلك لان اوقات كثيرة قد ظهر لهم في أورشليم سواء كان في العلية أو في غيرها ولكن أمرهم ان يذهبوا الى الجليل لكي يعلمهم الواجب عمله في تعليم الآخرين .
عدد 17 : ولما رأوه سجدوا له ولكن بعضهم شكوا .
أي توما وحده شك فانه تحقق قيامة المسيح بنظره ولمسه اياه . ان ظهورات سيدنا كانت متنوعة ولاجل ذلك كانوا يخافونه . اذاً لم يترآءى لهم كما كانوا يعهدونه .
عدد 18 : فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً . دُفع اليّ كل سلطان في السماء وعلى الارض .
( في الارض) هو الذي اعطاه للرسل كي يخضعوا بني البشر لعظمته وفي السماء ليبين الاماكن التي هو مسلط فيها على المكافأة وهو ذاته المكافئ لجميع المؤمنين به . ويقول الهراطقة ان قوله اعطيت تعني وجود اعلى منه وذلك يحط في مقام المسيح . فنقول ضدهم ان بولس الرسول أيضاً يقول عن المسيح انه يسلم الملك لله الآب . ومن المؤكد ان الكبير يسلم للصغير فكما ان هذا القول لا يحط من مقام الآب هكذا ولا قوله اعطيت يحط من مقام الابن وليس كمن لم يكن له شيئاً الى الآن قال اعطيت لانه قد سبق فقال كل شيء قد دفع الي من ابي .
عدد 19 : فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس .
( كل الامم ) اي لست ارسلكم الى شعب واحد بل الى الامم جميعها وليس بعد زمان كثير لكن بعدد عشرة ايام أصعد الى ابي فارسل لكم روح القدس وهنا يوصيهم باجراء المعمودية للذين يؤمنون عن يدهم . ان مخافة الله نوعان ايمان واعمال وربنا قد اوصى بالاثنين فهنا تكلم اولاً على الامانة لانه كان مزمع ان يصعد الى السماء فاراد ان يعلمهم انه اله واحد لكن الاقانيم ثلاثة الآب والابن والروح القدس والد ومولود ومنبثق الواحد علة والاثنان معلولان كالكلمة والعقل من النفس وكالشعاع والحرارة من الشمس فكما ان الكلمة والشعاع مولودان ولادة طيعية مستمرة من النفس والشمس هكذا المسيح مولود ولادة طبيعية الهية ز اما عن العقل والحرارة فيقال عنهما انبثاق بلا انقطاع وبلا زمان ثم ان المسيح لم يأمر ان يعمدوهم باسم الله او باسم الرب لان هذه اسماء مركبة ومأخوذة من تكوين الله للخليقة . فكون الله يدين وينظر ويسرع ويحرق سمي الله . اما اسم الرب فمن الربوبية لانه رب الكل . اذاً هذه الاسماء زمنية . فالاسماء الحقيقية هما اثنان واحد في العتيقة يه يه اشرهيه خر 3 : 14 معناه واجب الوجود والثاني في الجديدة الآب والابن والروح القدس . واسم الآب والابن اشرف من والد ومولود لانه يطلق على المتنفسين . وواو العطف المعطوف على كل واحد من الاقانيم برهان على انهم متساوون في الجوهر ومميزون في الاقنومية .
عدد 20 : وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به . وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر .
ان المسيح يوصي رسله ان يعلموا الناس ويحثوهم على حفظ وصاياه المقدسة كقوله لا تغضب على أخيك . ومن يطلب منك فاعطه . ومن نظر الى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها ولا تحلفوا البتة . واحبوا اعداءكم . ولانه كان مزمع ان يفارقهم في تلك الساعة ويصعد الى السماء قليلاً يحزنوا قال انا معكم وقد علموا انهم لم يعودوا يرونه بالجسد الى زمان ما لكن بقوة لاهوته هو معهم ولفظة انا معكم قد قالها ايضاً للانبياء فقالها لموسى لانه كان أخرس ( خر 3 : 12 و 4 : 10 ) ولارميا لان كان حديثاً ارص 1ك6 ولحزقيل لانه يتكاسل ومع ذلك فالانبياء اعتذروا واحتجوا وأبوا ان يمضوا . فلم يعتذروا ولم يحتجوا ولم يأبوا . فيذكر لهم منتهى الدهر لانهم مزمعون ان يتنعموا عوض تنعمات العالم الفاني الذي يكابدوا فيه الاهوال بخيرات ابدية لا تزول . ثم نقول ان بقوله انا معكم اظهر لهم سلطته . ووعده هذا ليس للرسل فقط بل لجميع الذين سوف يؤمنون به لان الرسل لم يعيشوا الى منتهى الدهر اذاً وعده هذا يشمل جميع الذين يؤمنون به جيلاً بعد جيل ويكرزون بالايمان ويسيرون سيرة صالحة . والكنيسة اي الاعضاء هي جسد واحد رأسه المسيح . لفظة أمين هنا معناها الحق . ملاحظة يجب ان نعلم كم مرة ترآءى مخلصنا بعد قيامته من القبر فنقول انه ترآءى عشر مرات أولاً للمجدلية ولمريم الأخرى مت 28: 1 ثانياً للاحد عشر لما كانوا مجتمعين ( مر 16: 14 ) ثالثاً للاحد عشر كقول متى ( 28: 16 ) رابعاً لسمعان ( اكو 15: 5 ) خامساً لصحبة كليوبا . سادساً للاحد عشر لما كانوا مجتمعين كما كتب لوقا ( 24 ك 3 ) سابعاً ترآءى للمجدلية ( يو 20 : 11 – 18 ) ثامناً للتلاميذ وهم في العلية عشية الاحد ( يو 20 : 9 ) تاسعاً ترآءى في العلية ثمانية ايام ( يو 20 : 26 ) عاشراً على بحيرة طبرية لسبعة من تلاميذه لسمعان لتوما ولنتنائيل ولابني زبدى ولاثنين آخرين من التلاميذ وقد دعا يوحنا هذه المرة ثالثة بقوله ان المسيح ترآءى فيها لتلاميذه ( يو 21 : 1و4 ) ومعنى قوله هذا او انه ترآءى لهم ثلاث مرات وهم مجتمعون او انه اكل معهم ثلاث مرات والمرة الاولى التي أكل فيها معهم كانت على بحيرة طبرية والثانية هي التي اعطوه فيها جزءاً من السمك المشوي في مساء يوم الاحد اما الثالثة فغير معروفة . وقال آخرون انه اكل مرتين فقط الواحدة هي التي ذكرها لوقا . والأخرى هي التي ذكرها يوحنا في المرة الثالثة.