تفسير انجيل متى الاصحاح الثاني والعشرون

Posted by on Aug 17, 2012 in Library, -الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى - مار ديونيسيوس ابن الصليبي | Comments Off on تفسير انجيل متى الاصحاح الثاني والعشرون

مَثل وليمة الملك – دفع الجزية للقيصر -قيامة الأموات – الوصية العظمى – المسيح وداود

 

مَثل وليمة الملك

 عدد 1 : وجعل يسوع يكلمهم ايضاً بامثال قائلاً :

عدد 2 : “ يشبه ملكوت السماوات انساناً ملكاً صنع عرساً لابنه ،

عدد 3 : وأرسل عبيده ليدعوا المدعوين الى العرس فلم يريدوا ان ياتوا .

يشير هذا المثل الى الزمان الذي بعد الصلب ومعلوم انه بعدما ذبح دعاهم الى العرس . وأراد بالملكوت بشارة الانجيل وبالرجل الله الآب وبابنه السيد المسيح وبعبيده الانبياء وبالمدعوين اليهود . وسمى الدعوة عرساً لانه خطب البيعة : وليمة لانه دعا اليها الشعوب . ثم شبه الملكوت بالعرس ليبين اهتمامه ومحبته لنا كما يهتم اصحاب العرس بلوازم العرس وراحة المدعوين ثم وليبرهن لنا عن بهاء الملكوت وبهرجته حيث لا حزن ولا وجع . ولسائل يسأل لماذا لم يكن العرس لصاحب الدعوة ولكن لابنه والجواب على ذلك هو لان الآب والابن والروح القدس واحدهم بالجوهر فعرس الابن هو عرس الآب نفسه

 

عدد 4 : فارسل أيضاً عبيداً آخرين قائلاً : قولوا للمدعوين : هوذا غدائي أعددته ، ثيراني ومسمناتي قد ذبحت ، وكل شيء معدّ . تعالوا الى العرس !

أراد بالعبيد الآخرين يوحنا والاثني عشر رسولاً والاثنين والسبعين مبشراً وبالغداة جسد ودم سيدنا يسوع المسيح الذي قربه فداء عنا . ودعي هنا وليمة لانه مملوء من النعيم والافراح . والذين لم يريدوا ان ياتوا هم الكتبة والفريسيون . ولكي لا يقولوا ان الذي دعانا ( اي الابن ) هو ضد الله فقال ان الآب عمل العرس . وهو ( اي المسيح ) الذي دعا اليهود قبل قيامته وبعدها وثم دعا الشعوب . فقبل القيامة قال انما ارسلت للخراف الضالة من آل اسرائيل . وبعد القيامة قال الرسل وبولس لليهود انه لكم انتم يجب ان تقال كلمة الله الخ . ثم ان الله كان عارفاً ان اليهود لا يذعنون ومع ذلك دعاهم ليسد أفواههم عن الاعتراض فيعلمنا بذلك ان نتمم ما هو واجب علينا ولو لم يكن من يستفيد . ويقول القديس كيرلس ان الذي دعا للعرس هو الآب والذي ارسل للمدعوين هو الابن وقد دعي عبداً لانه اتخذ مثال العبد . فاولاً دعا الكتبة وعارفي الناموس ولانهم لم يلبوا الدعوة دعا المساكين والضعفاء وهم الرسل الذين صاروا اقوياء بالمسيح . والذين دعوا من مفارق الطرق هم رمز عن الشعوب . وقد ذكر الرسول أربع دعوات أولها دعوة الصالحين للشعوب فما اذعنوا لها وثانيها دعوة الانبياء لليهود فاصموا مسامعهم عنها وثالثها دعوة الرسل لليهود أيضاً فلم يركنوا لها . ورابعها كانت عامة لليهود وللامم بواسطة الرسل والمعلمين فاطاعت الامم وخضعت . وقوله ” كل شيء مهيأ ” يعني غفران الخطايا منحة الرةح ملكوت السماوات .

 

 عدد 5 : ولكنهم تهاونوا ومضوا، واحد الى حقله،  وآخر الى تجارته ،

يشير بقوله هذا الى الذين هم منغمسين في فلاحة الاراضي والى المنشغلين في البيع والشراء . اذ محبتهم الزائدة الى المقتنى الزائل أبعددتهم عن ملكوت السماوات .

 

عدد 6 : والباقون أمسكوا عبيده وشتموهم وقتلوهم .

عدد 7 : فلما سمع الملك غضب ، وارسل جنوده وأهلك اولئك القاتلين وأحرق مدينتهم .

يشير الى ارساله عساكر الرومانيين مع اسبيسيانوس الذي قتلهم واحرق مدينتهم أورشليم بعد قيامة المسيح باربعين سنة وذلك اشارة الى طول اناته .

 

عدد 8 : ثم قال لعبيده : اما العرس فمستعد ، واما المدعوون فلم يكونوا مستحقين .

أراد بالعبيد الرسل والمبشرين وبالمدعوين غير المستحقين اليهود .

 

 عدد 9 : فاذهبوا الى مفارق الطرق ، وكل من وجدتموه فادعوه الى العرس .

عدد 10 : فحرج اولئك العبيد الى الطرق ، فجمعوا كل الذين وجدوهم اشراراً وصالحين . فامتلأ العرس من المتكئين .

يشير بقوله هذا الى دعوة الامم .

 

عدد 11 : فلما دخل الملك لينظر المتكئين ، رأى هناك انساناً لم يكن لابساً لباس العرس .

يشير هنا الى الشعوب بالامثال وان ربنا سينظر يوم البعث الى المتكئين وأراد بالرجل الذي ليس عليه حلة العرس المسيحي الذي امانته صحيحة ولكن ليس ذي سيرة صالحة واراد بحلة العرس الاعمال الصالحة وهي الصوم والصلوة والطهارة والقداسة فالذين يمارسون هذه يتنعمون في الملكوت . واراد بالثياب الوسخة الفجور القتل الشراهة الزنى وما اشبه ذلك من الخطايا التي تغضب الله على ان فاعلي هذه القبائح ولو كانوا ذوي امانة مستقيمة فسيخرجون الى الظلمة البرانية .

 

 عدد 12 : فقال له : يا صاحب ، كيف دخلت الى هنا وليس عليك لباس العرس ؟ فسكت .

انه تعالى ولو انه فاحص القلوب والكلى . ويعرف ما في الانسان لم يوبخه حتى يشجب نفسه بنفسه . وصمت الرجل معناه انه مذنب ومستحق العذاب .

 

 عدد 13 : حينئذٍ قال الملك للخدام : اربطوا رجليه ويديه ، واطرحوه في الظلمة الخارجية . هناك يكون البكاء وصرير الاسنان .

اراد بالخدام الملائكة المامورين بتأدية مثل هذه الخدم . وبالظلمة البرانية عذابا شديد وظلمة مدلهمة . وبالبكاء التألم وبصريف الاسنان شدة العذاب على ان الانسان يتعذب وقتئذٍ بفكره وياخذ بصرير اسنانه من شدة تبكيث ضميره . وكما ان في الملكوت مخادع كثيرة هكذا في جهنم مخادع كثيرة .

 

 عدد 14 : لان كثيرين يدعون وقليلون ينتخبون “ .

اي ان الذين دعوا للملكوت كثيرون . والذين اختيروا له قليلون وهم الذين بثياب مفتخرة أي باعمال صالحة مع إيمان مستقيم يدخلون الملكوت .

 

دفع الجزية للقيصر

 عدد 15 : حينئذ ذهب الفريسيون وتشاوروا لكي يصطادوه بكلمة .

ان اليهود بعد رجوعهم من السبي خضعوا للرومانيين رغم ارادتهم وكانوا يعطونهم الجزية وهم صاغرون . اما الرومانيون فكانوا مجتهدين ان يبطلوا عوائد اليهود وعباداتهم وهذا معلوم فانه في زمان طيباريوس وغايوس  الملك حاول بيلاطس ان يدخل صورة قيصر الى الهيكل فعارضه اليهود وقتل منهم كثيرين . وفي زمان طيباريوس انقسمت اليهودية الى اربعة اقسام كما يشهد لوقا . وكل فرد من الرؤساء كان يدعى رئيس الربع وكان في ذلك الزمان يهتم الفريسيون جيداً في الناموس ويغارون عليه كأنهم عارفين بمحتوياته لان لفظة فريسي باللغة العبلرانية معناها يقطع ويفرق ويميز . وكانوا يعلمون الشعب العصيان ضد الرومانيين وان لا يعطوا الجزية . وكانوا ياتون بشهادة من موسى القائل انكم انتم حصة الرب . ومن اشعيا ان الرب هو رئيسكم . علة انهم ما كانوا يعرفون انهم اذا اخطأوا سيستعبدون ما كانوا يخضعون لمستعبديهم ومن هؤلاء الفريسيين كان يهود الجليلي اما هيرودس رئيس الربع فقد كان جليلياً وكان يشير على اليهود ان لا يصغوا الى كلام الفريسيين شفقة منه عليهم وينصحهم ان يعطوا الجزية للرومانيين ويحذرهم عاقبة العصيان وقد قبل بعض اليهود مشورته وكانوا يعطون الجزية . وكان يدعى هؤلاء هيرودسيين . وقال آخرون ان الهيرودسيين هم اجناد هيرودس . وهذا ليس بصحيح لان هيرودس كان مسلطاً في الجليل . وهذه المسألة حدثت في اليهودية وعليه فالهيروديسيون هم الذين قبلوا مشورة هيرودس فتشاور الفريسيون مع هؤلاء الذين هم اصحاب هيرودس . الذين هم ضد بعضهم بعضاً في العوائد والشرائع لكي يصطادوه بكلمة ولاجل ذلك جاءوا اليه من الطرفين .

 

 عدد 16 : فارسلوا اليه تلاميذهم مع الهيرودسيين قائلين : “ يا معلم،  نعلم انك صادق وتعلم طريق الله بالحق ، ولا تبالي بأحد ، لأنك لا تنظر الى وجوه الناس .

انهم لم يقولوا هذا القول بسذاجة لكن بخبث لكي يصطادوه وقولهم ولا تبالي باحد اي لا بقيصر أو بيلاطس او هيرودس . يعني انك لم ترائي مع هؤلاء .

 

 عدد 17 : فقل لنا : ماذا تظن ؟ أيجوز ان تعطي جزية لقيصر أم لا ؟ “ .

لم يسألوه عن رأيه بالاحسن او الواجب ولكن عما يظن فيه وكان ذلك منهم توريطاً له . وقد سألوه هذا السؤال بخبث ومكر حتى اذا قال نعم عنفه الفريسيون لانهم يرون دفع الجزية مخالفاً للناموس ويقولون له تريد ان تجعلنا نطيع الناس من دون الله وان قال لا أمسكه الهيرودسيون واجناد بيلاطوس وسلموه الى الوالي كعاص عل الرومانيين مع ان المسيح له المجد كان قد دفع الدينار فتامل أيها القاري بخبثهم وخداعهم .

 

 عدد 18 : فعلم يسوع خبثهم وقال : “ لماذا تجربوني يا مراؤون ؟ 

عدد 19 : اروني معاملة الجزية “ .  فقدموا له ديناراً .

فلأنه فاحص القلوب والكلى كما قال عنه داود النبي علم بشرهم ولذلك انتهرهم وسماهم مرائين . لان المرائين يظهرون غير ما يبطنون .

 

 عدد 20 : فقال لهم : “ لمن هذه الصورة والكتابة ؟ “ .

عدد 21 : فقالوا له : “ لقيصر “ . فقال لهم : “ اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله “ .

أي ان الدينار الذي فيه صورة قيصر اعطوه لقيصر . والنفس التي هي صورة الله اعطوها لله اي اعرفوه واحفظوا وصاياه . فبقوله اوفوا ما لقيصر لقيصر وضع قانوناً للمسيحيين بالخضوع للسلطة واجاز اعطاء الجزية للملوك وان كانوا على غير دينهم واوجب تأدية واجب الخدمة لله ببرارة وطهارة قلب . على اننا نقول ان المسيح رأى انفسهم غير حاملة صورة الله لكنها ممتلئة بكتابات قيصر العقلي وهو ابليس فقال ان كنتم تحفظون أوامر الله بطهارة فانتم صورته . وان كنتم تحملون صورة ابليس اللعين قدموا له عبوديتكم واتعابكم ولا تطلبون من الله لانكم لا تحملون صورته .

 

 عدد 22 : فلما سمعوا تعجبوا وتركوه ومضوا .  

 

قيامة الأموات

عدد 23 : في ذلك اليوم جاء اليه اصدوقيون الذين يقولون ليس قيامة ، فسألوه 

عدد 24 : قائلين : “ يا معلم ، قال موسى : ان مات احد وليس له اولاد ، يتزوج اخوه بامرأته ويقيم نسلاً لاخيه .

ذكر يوسيفوس ان اليهود بعد رجوعهم من السبي انقسموا الى سبعة هرطقات وقد تكلمنا عن ذلك في تفسير المعمودية فليراجع . فمنهم الصدوقيون الذين ينتمون الى صادوق معلمهم . وهؤلاء هيجوا الاضطهاد على بشارة الانجيل وعلى يعقوب اخي الرب وما زالوا يشون به حتى قتل كما صاروا سبباً للرومانيين ليفحصوا عن انسال داود ويقتلونهم وكان الصدوقيون متمسكين بخمسة اسفار موسى ولم يكونوا يقبلون الانبياء ولا يعتقدون بالروح القدس وكانوا يكفرون بالقيامة وبالملائكة وبسائر الغير المنظورات . اما الفريسيون فكانوا يعتقدون بالقيامة ولكنهم يقولون ان في القيامة اكل وشرب وزواج . وكان الصدوقيون يعيرون الفريسيين على ذلك ولاجله سألوا المسيح عن خبر المرأة ذات السبعة رجال التي ماتت بلا بنين .

 

 عدد 25 : فكان عندنا سبعة اخوة ، وتزوج الاول ومات . وإذ لم يكن له نسل ترك امراته لاخيه .

عدد 26 :  وكذلك الثاني والثالث الى السبعة .

عدد 27 : وآخر الكل ماتت المراة ايضاً .

عدد 28 : ففي القيامة لمن من السبعة تكون زوجة ؟ فإنها كانت للجميع ! “

فقد اخترعوا هذا السؤال ظانين انهم يوقعوا المسيح في الحيرة بشان قيامة الموتى والامر واضح ان السؤال اختراع لان اليهود كانوا يهربون من السكنة مع المرأة التي يموت رجالها كما نرى في خبر تامار فانهم لما هربوا منها التزمت ان تسرق الزرع من يهوذا . بل وراعوث الموابية تزوجت مع الغريب من الجنس وعليه فالسؤال اختراع .

 

 عدد 29 : فاجاب يسوع وقال لهم : “ تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله 

عدد 30 : لانهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون ، ولكن يكونون كملائكة الله في السماء .

عدد 31 :  واما من جهة قيامة الاموات ، أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل :

عدد 32 : انا إله ابرهيم وإله اسحق وإله يعقوب ؟ ليس الله إله أموات بل إله أحياء “ .

لم يقل اله ابراهيم الخ  بل اني الهمهم الآن كما كنت الههم وهم على الارض . وفي هذا اشارة الى قيامة الموتى واقتصر على ايراد البرهان من كتب موسى لان الصدوقين لم يكونوا يعتبروا الا كتب موسى وهي الخمسة أسفار والا لاورد من العهد القديم براهين منها ما في هذه الاماكن اي ( 19: 25 و26 ومز 16: 10 و11 واش 26: 19 وحز 37 ودا 12:2 ) وزاد لوقا على ما قاله متى ما يوافق ذلك وهو قوله ( ليس هو اله أموات بل اله أحياء لان الجميع عنده أحياء لو 20 : 38 أي لا اله أولئك الذين قد ماتوا وفسدت اجسامهم وما عادوا يقومون ولكن اله الذين وان ماتوا لكنهم أحياء لمو عدد القيامة كآدم الذي أكل من الثمرة وحسب ميتاً للقضاء المقضي عليه وان كان حياً . ولو لم تكن قيامة الموتى فالذين قد ماتوا وفسدوا لما كانوا سيقومون وقد صرح بهذا القول على ان الذين ماتوا منذ ألوف من السنوات سيقومون لانه دعا نفسه الههم . فأبطل رأي الفريسيين بقوله ان في القيامة لا يزوجون الخ وأبطل رأي الصدوقيين بقوله انا هو اله ابرهيم الخ .

 

 عدد 33 : فلما سمع الجموع بهتوا من تعليمه .

وليس الجمع هنا الصدوقيون ولكن الجمع الساذج .

 

الوصية العظمى

عدد 34 : أما الفريسيون فلما سمعوا انه أبكم الصدوقيين اجتمعوا معاً ،

عدد 35 : وساله واحد منهم وهو ناموسي ليدربه قائلاً :

عدد 36 : “ يا معلم أية وصية هي العظمى في الناموس ؟ “ .

جاء هذا الفريسي مجرباً للمسيح منتظراً ان يجد عليه شيئاً لانه كان يقول عن نفسه انه الهاً .

 

 عدد 37 : قال له يسوع : “ تحب  الرب الهك من كل قلبك ، ومن كل نفسك ، ومن كل فكرك .

عدد 38 : هذه هي الوصية الاولى والعظمى .

كان يرجو ان يقول له المسيح ان أعظم الوصايا هي ان تعتقد في اني اله .

 

 عدد 39 : والثانية مثلها : تحب قريبك كنفسك .

الوصية الثانية هذه لا تقوم بدون الاولى لانه لا يمكن ان نحب اخانا حق المحبة الا بان نحب الله أولاً ايو 4 : 20 و21 وهي مثل الاولى في الخلوص والمنفعة للعالم .

 

عدد 40 : بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء “ .

ان هاتين الوصيتين تشتملان على كل جوهر الناموس والانبياء وهما العهد القديم وبالصواب قال المسيح لان بحفظ الوصية الاولى تقوم أربع من الوصايا العشر وبحفظ الثانية تقوم ست منها لان غرض الناموس والانبياء هو ان لا يخطأ البشر . ثم ان في احدلى هاتين الوصيتين تمتنع الخطيئة وبالأخرى يتم عمل البر . ولم يذكر متى جواب الفريسي الذي ذكره مرقس ولا مصادقته على اقوال المسيح . ويظهر ان هذا الكتاب لم يكن سوى آلة للفريسيين وانه لم يشاركهم في بعضهم ليسوع ولتعاليمه . وان كان قد شاركهم في اول الامر فلا ريب في ان افكاره تغيرت عندما سمع جواب يسوع

    فلما رآه يسوع أجاب بحكمة ( مر 12 :34 ) اي ان المحبة لله وللقريب أفضل من الذبائح الكاملة . وبهذا القول احتقر السبت وذبائح الحيوانات وهذا مناف لتعاليم رؤساء اليهود ” قال له لست بعيداً من ملكوت الله ” اي ما زلت بعيداً عن الملكوت . ولسائل كيف مدح يسوع ذاك الذي قال ان ما  عددا الآب ليس الهاً . فنجيب ان وقت هذا السؤال لم يكن مناسباً لاشهار الوهيته ولذلك مدحه ليبقيه في التعليم الاول مستحقاً لتلقي التعليم الجديد وفوق ذلك ان في الشريعة الموسوية كان التعليم بوحدانية الله كما ان هذا التعليم كان في كل مكان وهو لم يحقر الابن ولكن ليفرق بين عبادة الله وبين عبادة الاصنام التي لم تكن بآلهة وان المسيح عرف ما في ضميره وغرضه ولذلك مدحه .

 

المسيح وداود

عدد 41 : وفيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع 

عدد 42 : قائلاً : “ ماذا تظنون في المسيح ؟ ابن من هو ؟ قالوا له : “ ابن داود “ .

عدد 43 : قال لهم : “ فكيف يدعوه داود بالروح رباً ؟ قائلاً :

أراد بقوله هذا ان ينبه ويرفع عقول الفريسيين ليعتقدوا به انه اله نظير الله الآب ولانه مزمع ان يتألم اتاهم بشهادة داود النبي الشاهد عنه انه اله . ولم يجيبوه على ذلك بالحق لانه له وان كان ابن داود بالجسد أما هم فكانوا يعتبرونه كانسان ساذج .

 

 عدد 44 : قال الرب لربي : اجلس عن يميني حتى أضع أعدداءك موطئاً لقدميك .

الرب اي الآب وهو الاقنوم الاول . ربي أي المسيح وهو الاقنوم الثاني المتجسد . وليس بالعجائب فقط بيّن انه ابن الآب لكن بالتخويف أيضاً .

 

 عدد 45 : فان كان داود يدعوه رباً ، فكيف يكون ابنه ؟ “ .

لم يقل ان ابن داود واحد ورب داود آخر كما يقول الخلقيدونيون لكن للابن المتجسد عينه قال رب داود وابنه . فربه لانه اله وابنه من حيث انه صار انساناً .

 

 عدد 46 : فلم يستطع أحد ان يجيبه بكلمة . ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد ان يسأله بتّة .

فلم يستطيعوا ان يجيبوه بكلمة لان الاسمين الرب وربي مكتوبان بالاسم الاعظم يعني يه يه وقد كتبهما موسى النبي في الناموس بأحرف مخصوصة وكانوا يلفظونها باكرام ويكتبونهما في طرف الورقة . ادوني اي ربي . ومتى صادفوا هذين الاسمين بالكتب يبدلونها بادوني الوهيم . قال قوم ان سوماخوس بدل هذا الاسم وكتب عوضه الرب لربي . كما بدل كلمة بتول بصبية وعوض يقتل المسيح قال ليقتل .