تفسير انجيل متى الاصحاح الخامس والعشرون

Posted by on Aug 17, 2012 in Library, -الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى - مار ديونيسيوس ابن الصليبي | Comments Off on تفسير انجيل متى الاصحاح الخامس والعشرون

مَثل العشر عذارى – مثل الوزنات – المسيح يدين العالم أجمع

 

مثل العشر عذارى

عدد 1 : حينئذٍ يشبه ملكوت السماوات عشر عذارى ، أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس .

أراد بملكوت السموات الانجيل المقدس وبالبتولات اصحاب السيرة الصالحة . واراد ” بالعشرة ” الحواس النفسانية والجسدانية .

 

عدد 2 : وكان خمس منهن حكيمات ، وخمس جاهلات .

سمى الخمس جاهلات لان حواس الجسد أضعف من حواس النفس وسمّاهن بتولات لطهارة سيرتهن . وقد اتخذهن في المثل دون الرجال لان في المسيح لا ذكراً ولا انثى . وذكر العدد عشرة لانه عدد كامل حيث لما ينتهي الانسان من عدد العشرة فيبتدي بعد من الواحد وثم لاجل الحواس العشرة كما قلنا .

 

عدد 3 : أما الجاهلات فأخذن مصابيحهن ولم ياخذن معهن زيتاً ،

ويراد بالمصابيح السيرة العفيفة والقداسة . ثم لم نجد في كل الترجمات لفظة العروسين الا في السريانية وأما في غيرها فيقال خرجن للقاء العريس فقط . ويراد بالعريس المسيح وبالعروس الكنيسة اعلاماً بان كل انسان سوف يلاقي المسيح في ظهوره وعروسه المنتصرة آتية معه .

 

عدد 4 : واما الحكيمات فأخذن زيتاً في آنيتهن مع مصابيحهن .

أراد بالحكيمات ذوي السيرة الصالحة الشفوقين على المحتاجين . واما الجاهلات فيراد بهم ذوي الاعمال الصالحة القساة القلوب الذين ليس في عاطفتهم رحمة . أراد بالزيت الرحمة والشفقة وبالآنية الاشخاص .

 

عدد 5 : وفيما أبطأ العريس نعسن جميعهن ونمن .

أراد بابطاء العريس زمن الذي بين صعوده ومجيئه الثاني وبالنعاس الامراض وأراد بالنوم الموت وقال آخرون ان النعاس والنوم هو الموت الطبيعي لانه لا يعد موتاً لسبب رجاء القيامة لكنه نوم مدة صغيرة .

 

عدد 6 : ففي نصف الليل صار صراخ : هوذا العريس مقبل ، فأخرجن للقائه .

يتضح من هذه الآية ان القيامة تكون في نصف الليل لأن في نصف الليل قام سيدنا من القبر . كما انه في ليلة الاحد خلق الخليقة وهكذا في ليلة الاحد سوف يحيي الموتى . اما صوت البوق الصارخ من الملائكة فقوم يقولون انه سوف يسمع ثلاث مرات . المرة الاولى اعلاماً عن مجيئه الثاني والثانية عن دينونة المسيح الكذاب والثالثة عن قيامة الموتى وتجديد الكل .

 

عدد 7 : فقامت جميع اولئك العذارى وأصلحن مصابيحهن .

يريد بقيامة العذارى القيامة العامة وبتهيئة المصابيح الرجا العمومي عند جميع المسيحيين لامانتهم بالمسيح .

 

عدد 8 : فقالت الجاهلات للحكيمات : اعطيننا من زيتكن فان مصابيحنا تنطفيء .

ليس أجهل من الذين يقتنون اموالاً هنا ويمضون الى هناك عريانين ثم ان الجاهل هو الذي يطلب الحاجة في غير وقتها ويظن انه يحصل عليها وعبثاً يطلب الخطأة وقت الدينونة الاشتراك في أثمار الأبرار .

 

عدد 9 : فأجابت الحكيمات قائلات : لعله لا يكفي لنا ولكن ، بل اذهبن الى الباعة وأبتعن لكن .

يراد بالباعة اولئك الذين كان يمكن ان يرأفوا بهم فتضيء مصابيحهن .

 

عدد 10 : وفيما هنّ ذاهبات ليبتعن جاء العريس والمستعدات دخلن معه الى العرس ، وأغلق الباب .

ان زمان التوبة والاعمال المرضية لله هو في هذه الحيوة وكل من لا يسعى لاكتساب رضى الله في هذه الحيوة لا يصادف هناك الا الفشل . وغلق الباب هو افتراق الصالحين وانتهاء وقت الرحمة واتيان وقت الدينونة

 

عدد 11 : أخيراً جاءت بقية العذارى قائلات : يا سيد ، يا سيد ، افتح لنا !

عدد 12 : فاجاب وقال : الحق اقول لكن اني ما أعرفكن .

اي لا أعرفكن لاعمالكم الشريرة .

 

عدد 13 : فاسهروا اذاً لانكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الانسان .

هذا الكلام امر بمنزلة النصيحة ليس للعشر عذارى بل لنا نحن الذين نوعد ان نتوب من وقت الى آخر ونحن غرقى في الخطيئة . وقال انكم لا تعلمون أي لا تنفعكم معرفة يوم خروجكم من هذا العالم .

 

مَثل الوزنات

عدد 14 : وكأنما إنسان مسافر دعا عبيده وسلمهم أمواله ،

هذا المثل قاله سيدنا على كل من يقبل موهبة أية كانت فيعلمهم ان يجدوا بايجاد وسائط ليكسبوا بها انفسهم وأنفس غيرهم . ويقول البعض ان هذا المثل غير مثل الامناء الذي كتبه (لوقا 19: 12 ) الخ لانه واضح ان الامناء هناك ربح عشرة وهنا الخمسة ربحت خمس وزنات والمكافأة ليست واحدة غير ان الانسان والرجل في المثلين واحد والمراد به المسيح الذي تمم تدبيره وصعدد الى السماء . وقوله ” دعا ” أي انه قدمهم اليه وخولهم المواهب والمنح .

 

عدد 15 : فاعطى واحداً خمس وزنات ، وآخر وزنتين ، وآخر وزنة . كل واحد على قدر طاقته . وسافر للوقت .

أي انه جعل الاسقف رئيس كهنة وراعياً ومعلماً ومقدساً للاسرار وخادما . وأعطى الكاهن المعمودية وتقديس الاسرار . وأعطى الشماس الاعتناء بالفقراء ( اع 6: 2 و 3 ) والتطهير والوعظ وقوله سافر أي انه صعد ولا يرجع حتى الى القيامة .

 

عدد 16 : فمضى الذي أخذ الخمس الوزنات وتاجر بها ، فربح خمس وزنات أخر .

أي ان الاسقف بواسطة انذاره وتعليمه ربح هداية التائهين والضالين وثبت المؤمنين سواء كان في تعميد البعض ورسامة البعض وتقديس الميرون وتكريس المذابح والكنائس وبتقديس الاسرار غفر واستغفر للمتناولين .

 

عدد 17 : وهكذا الذي أخذ الوزنتين ، ربح ايضاً وزنتين أخرين .

أي ان الكاهن بواسطة المعمودية عمد آخرين وبتقديس الاسرار استغفر للشعب .

 

عدد 18 : وأما الذي أخذ الوزنة فمضى وحفر في الارض وأخفى فضة سيده .

أي ان الشماس الذي عوضاً عن ان يطهر ويرتب الشعب ذهب وطمر في نفسه الموهبة ولم يستعملها لخير الآخرين ولاجل ملذات هذا العالم هرب من التعب والشقاء والجهاد في سبيل الله ومن المتاجرة بالروحيات . ثم ان كل انسان مسؤول عما أعطاه الله من المواهب سواء كانت كثيرة أم قليلة ونحن دابنا الكسل والتراخي وعددم الامنية فيما سلم لنا وبالحقيقة انه يصح علينا ما قيل عن الكسلان والبطال .

 

عدد 19 : وبعد زمان طويل أتى سيد اولئك العبيد وحاسبهم .

البعدية في الزمان الكثير تشير الى انتهاء العالم حينما يأتي المسيح ليحاسب كل واحد على ما أخذ من مواهب فيجازي الامناء على مواهبه ويقضي على من لم يكن أميناً .

 

عدد 20 : فجاء الذي أخذ الخمس الوزنات وقدم خمس وزنات أخر قائلاً : يا سيد ، خمس وزنات سلمتني . هو ذا خمس وزنات أخر ربحتها فوقها .

أي ان بالمنح التي سلمتها الي قد ربحت بها نفسي وغيري .

 

عدد 21 : فقال له سيده : نعماً أيها العبد الصالح والأمين ! كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير . ادخل الى فرح سيدك .

ينعت المسيح له المجد المنح التي سلمها للعبد بالقلة . وقوله ” سأقيمك ” أي سأوهلك الى سعادة عظيمة .

 

عدد 22 : ثم جاء الذي أخذ الوزنتين وقال : يا سيد ، وزنتين سلمتني . هوذا وزنتان أخريان ربحتهما فوقهما .

أجاب صاحب الوزنتين كما جاوب صاحب الخمسة لانه أفاد نفسه وغيره بالمنحة التي قبل .

 

عدد 23 : قال له سيده : نعماً أيها العبد الصالح الامين ! كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير . ادخل الى فرح سيدك .

سماه عبداً لان عبيد الله مخلوقين للعمل الصالح ( اف2 : 10 ) وسماه أميناً لانه لم يخدع احداً ولا غش احداً لكنه أفاد واستفاد .

 

عدد 24 : ثم جاء ايضاً الذي أخذ الوزنة الواحدة وقال : يا سيد ، اني عرفت انك انسان قاس ، تحصد حيث لم تزرع ، وتجمع من حيث لم تبذر .

في هذا القول يتهم سيده كأنه كان يطلب منه اتمام أمور تفوق طاقته وهذه عادة الخاطي فانه دائماً يجعل السبب غيره كما عمل آدم يوم أخطأ اذ جعل السبب امرأته ونحن أولاده نعمل نظيره . وقال ” تحصد من حيث لم تزرع ” أي ان أردت ان تجذب للعمل غصباً فانت قادر . ثم نقول ان المسيح قد حصد الخطيئة من حيث لم يزرعها هو لكن الشيطان زرعها . وقد جمع الشعوب من عبادة الاصنام والافعال الخبيثة وهو ليس الذي أبعددها عنه لكن الشيطان .

 

عدد 25 : فخفت ومضيت وأخفيت وزنتك في الارض . هوذا الذي لك .

اذ كان حفظ مواهب الله دون استعمالها لخير الآخرين مضر لذويها فكيف يكون حال من أضاعها بعمله للشر .

 

عدد 26 : فأجاب سيده وقال له : أيها العبد الشرير والكسلان ، عرفت اني احصد حيث لم ازرع ، واجمع من حيث لم أبذر ،

سماه شريراً وكسلان لانه لم يتاجر بالوزنة التي أخذ أي انه ما أفاد قريبه ونفسه وقال المسيح للعبد ” من فمك ادينك ( لو 19 : 22 ) أي ان كنت تعتقد في اني أحصد من حيث لم ازرع فكم بالاوفر كان يجب ان تتأكد باني احصد من حيث أزرع .

 

عدد 27 : فكان ينبغي ان تضع فضتي عند الصيارفة ، فعند مجيئي كنت آخذ الذي لي مع ربا .

أي كان واجب عليك ان تعلم الناس وتنذرهم فان كانوا لا يسمعون فكنت آتي واطلب فضتي أي الكلام الذي قلته لك وعلمتهم اياه ولم يثمر فيهم وقد كان في مكنتك أقله ان تعرف الناس واجباتهم . ثم ان مال السيد نعمة ومواهبه التي يزرعها على تابعيه لكي تأتي بثمر الاعمال الصالحة التي اياها يسمي ربي

 

عدد 28 : فخذوا منه الوزنة واعطوها للذي معه العشر وزنات .

أي انزعوا منه الموهبة التي اقتبلها ولم يستعملها .

عدد 29 : لان كل من له يعطى فيزداد ، ومن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه .

أي من يتأخر بالمنح التي أعطيت له في هذا العالم ففي العالم الجديد سوف يأخذ مئة ضعف . ومن استخف بل رذل الموهبة التي قبل فسوف تؤخذ منه هنالك .

 

عدد 30 : والعبد البطال اطرحوه الى الظلمة الخارجية ، هناك يكون البكاء وصرير الاسنان .

 

لاحظ انه لم ينسب للعبد البطال القتل او اللصوصية مثلاً بل التراخي والاهمال موضحاً ان البطالين والكسالى سيعذبون . وقد سماه بطالاً لانه لم يتاجر بالمال الذي أخذ فما قدمناه الى هنا من التفسير فهو حسب رأي موسى ابن الحجر . وقال غيره ان الذي أخذ الخمس وزنات هو الذي نال مواهب مختلفة من الله . والذي نال موهبتين هو الذي اقتبل مواهب أقل من الذي قبله . والذي أخذ الوزنة الواحدة هو الذي نال أقل من الاثنين السابقين . ثم نقول ان هذا المثل لا يقصد به الاساقفة والكهنة والشمامسة فقط لان ليس جميع المسيحيين يصيرون كهنة لكي يتاجروا هنا ويكافوا هناك لكن يقصد به جميع المسيحين لان كل المواهب المعطاة من الله لبني البشر هي وزنات والشاهد لقولنا قول بولس الرسول ” فيعطى واحد بالروح كلام الحكمة وآخر كلام العلم بذلك الروح عينه ز وآخر الإيمان … وآخر مواهب الشفاء … وآخر صنع القوات وآخر النبوة الخ ( ا كو 12: 8 – 10 )  فقد أعطانا الله هذه المواهب كل واحد على قدر طاقته ليجعلنا خادمين وليظهر المجتهد من الكسلان وكما ان الوزنات كانت ثلث درجات أي خمس وزنات ووزنتين ووزنة كذلك ما تنتجه أيضاً هو ثلث درجات أي ثلاثين وستين ومئة أعلى واوسط وأدنى . ويظن البعض ان المثلين في متى ( 25: 14 – 30 ) وفي ( لوقا 19: 12 – 27 ) واحد . ولا يبعدد ان المسيح نطق به مرتين وغير فيه بعض الالفاظ كقوله في متى خمس وزنات وفي لوقا عشرة أمناء ولم يخصصه المسيح لخدام الكنيسة كالاساقفة مثلاً لان الاسقف لم يعط عشر مواهب . والرجل الذي سافر يراد به المسيح والعبيد بني البشر والوزنات المواهب والمحاسبة لنوال المجازاة تكون حسب الاعمال فالذين نالوا هبة التعليم والكهنوت والقوات ولم يفيدوا اخوتهم بارادتهم فقد وضعوا السراج تحت اناء وسنالون جزاءهم العذاب في جهنم .

 

المسيح يدين العالم أجمع

 

عدد 31 : ومتى جاء ابن الانسان في مجده وجميع الملائكة والقديسين معه ، فحينئذٍ يجلس على كرسي مجده .

يشير الى مجيئه الثاني الذي يكون بالمجد . ان من الملائكة الذين في السماء من يخدم الشكينة وهم الكاروبيم والجلاس والسارافيم الذين يدعون عرائس لانهم مثل العرائس المحيطين للعريس ومنهم تحت الرقيع وهم الذين يخدمون بني البشر . وقال آخرون ان جميع الملائكة موجودون تحت الرقيع لانهم مسترسلون كقول بولس الرسول ” اليسوا جميعهم ارواحاً خادمة ترسل للخدمة من أجل الذين سيرثون الخلاص ( عب 1 : 14 ) ولان زمن الصلب الذي كان يظن انه عار وعيب عظيم كان قريباً ذكر الجلوس على العرش بالمجد ليرفع ضمائر السامعين الى ما هو أسمى وأشرف

 

عدد 32 : ويجتمع أمامه جميع الشعوب ، فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء ،

” كل الامم ” اي جميع بني البشر . ولانهم مختلطين مثل الحنطة والتبن في البيدر لذلك يميزهم بواسطة ملائكته ( 13: 41 ) كما يميز الراعي الخراف من الجداء . وشبه الصالحين بالخراف لان الخراف وديعة لا تؤذي وتفيد بصوفها ولبنها وتوليدها وشبه الطالحين بالجداء لان الجداء بعكس الخراف وأقل نفعاً والفة وطاعة مثل الاشرار عدديمي الرحمة والامن والسلام .

 

عدد 33 : فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار .

اليمين هو مكان الشرف وكذلك اليمين في الحيوان أقوى أكرم منها في الشمال لذلك يقيم الصالحين في المحل الامنع والاكرم والاشرار في الجانب الاضعف وغير المعتبر .

 

عدد 34 : ثم يقول الملك للذين عن يمينه : تعالوا يا مباركي أبي ،  الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم .

بقوله هذا عرفهم عن اكرام الله اياهم . وقال ” رثوا ” لا خذوا لانهم ابناء الله بالولادة الجديدة وانهم سيرثون الملكوت كما يرث الابناء ميراث أييهم . وبقوله المعدد لكم ” يعلمنا انه كان أعدده لنا قبل ان يخلق العالم وكأنه يقول اني كنت عالماً بانكم ستكونون صالحين لاجل ذلك أعدددته له . وكون عملهم للصلاح فهو باختيارهم وسلطتهم الذاتية . ونقول لانه رآهم يريدون الصالحات فمد يده وساعددهم على تكميل ما اختاروه .

 

عدد 35 : لاني جعت فاطعمتموني . عطشت فسقيتموني . وكنت غريباً فآويتموني .

أي بواسطة اشباعكم المساكين أكلت أنا وشبعت . فلنتأمل جيداً ان المسيح يطلب منا خبزاً فقط لا أكثر . ثم كأنه يقول جعت لخلاصكم فاشبعتموني أي سمعتم مني من كل قلبكم ورجعتم عن الخطيئة . اذاً جوع الرب هو خلاصنا . وبقوله كنت غريباً فآويتموني يدين الذين يطردون الغرباء لانهم يطردون المسيح نفسه .

 

عدد 36 : عرياناً فكسوتموني . مريضاً فزرتموني . محبوساً فأتيتم الي .

لم يقل كنت مريضاً فشفيتموني بل زرتموني مبيناً بذلك انه لا يطلب من احد شيئاً فوق طاقته . ولم يقل أخرجتموني من السجن بل أتيتم الي مبيناً لنا ان نذكر المقيدين كأننا نحن أيضاً مقيدون معهم ( عب 13: 3 ) .

 

عدد 37 : فيجيبه الابرار حينئذٍ قائلين : يا رب ، متى رأيناك جائعاً فاطعمناك ؟ أو عطشاناً فسقيناك ؟

عدد 38 : ومتى رأيناك غريباً فآويناك ؟ أو عرياناً فكسوناك ؟

عدد 39 : ومتى رأيناك مريضاً أو محبوساً فأتينا اليك ؟

سماهم قبلاً خرافاً واما هنا فدعاهم صديقين لاجل أعمالهم الصالحة ..

 

عدد 40 : فيجيب الملك ويقول لهم : الحق أقول لكم : بما انكم كلما فعلتموه باحد أخوتي هؤلاء الاصاغر ، فبي فعلتم .

تأمل أيها القاري بصلاح سيد الكل فانه يسمي المزدري بهم وغير المعروفين عند اهل العالم اخوته ( عب 2: 11 ) . ونحن مع كوننا من جبلة واحدة نستحي ان نسميهم اخوتنا وقد دعاهم صغاراً لانهم متواضعون ومساكين في العالميات .

 

عدد 41 : ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار : اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الابدية المعدة لابليس وملائكته ،

كما انه مدح الصالحين امام كل الناس كذلك يذم الطالحين امام الخليقة . ويسمي قوات ابليس وجنوده وملائكته .

 

عدد 42 : لأني جعت فلم تطعموني . عطشت فلم تسقوني .

عدد 43 : كنت غريباً فلم تأووني . عريانا فلم تكسوني . مريضاً ومحبوساً فلم تزوروني .

عدد 44 : حينئذٍ يجيبونه هم أيضاً قائلين : يا رب ، متى رأيناك جائعاً أو عطشاناً أو غريباً أو عرياناً أو مريضاً او محبوساً ولم نخدمك ؟

انه تعالى لا يعذبهم بالنار الا بعد ان يحاكمهم ويلومهم بخصوص الجوع والعطش والغربة والعري والحبس والمرض .

 

عدد 45 : فيجيبهم قالاً : الحق اقول لكم انكم بما أنكم لم تفعلوه ذلك باحد هؤلاء الاصاغر ، فبي لم تفعلوه .

عدد 46 : فيمضي هؤلاء الى عذاب ابدي والابرار الى حيوة ابدية “.

الابدي هنا هو ما لا نهاية له . وتستعمل لفظة الابد بثلاثة معان . الاول ما لا بداية له ولا نهاية كقوله الى الابد انت هو يا رب . والثاني ماله بداية ولا نهاية وهو المعنى المراد هنا كقوله العذاب الابدي . وكبداية الانسان وخلوده . والثالث ما له بداية ونهاية كوجود الحيوان ونهايته .