السريان في طور عابدين – السريان في سورية – السريان في لبنان – الدكتور جان جوزيف

Posted by on Jan 24, 2017 in Library | Comments Off on السريان في طور عابدين – السريان في سورية – السريان في لبنان – الدكتور جان جوزيف

1- السريان في طور عابدين
الدكتور جان جوزيف

ترجمة حنا عيسى توما

حين انتهت الحرب العالمية الأولى سنة 1918 كانت الأوضاع الداخلية في ما يسمى ” بالإمبراطورية العثمانية ” مضطربة جدّاً. لقد كانت أسعار المواد الغذائية وغالبية السلع الاستهلاكية باهظة جداً. ففي استنبول،‏ على سبيل المثال، كان السكّر، كغيره من المواد الكمالية، يباع بالمفرّق بـ 300 قرشاً بدلاً من 25 قرشاً. ” كان‏‏ كلّ إنسان يفكّر في نفسه “، وصرّحت مجلّة “التايمز اللندنية ” أن أخطر مشكلة واجهتها البلاد نجمت عن وجود مئات‏‏ الألوف من قطّاع الطرق، بعضهم منظّمون سياسياً،‏ وبعضهم الآخر من العصابات غير المنظمة ومن اللصوص‏‏ والهاربين من الخدمة الإلزامية1.

كانت استنبول مدينة محتلّة وكان السلطان فيها مقيّد الصلاحيات. لقد كرّست المفاوضات التي أجرتها حكومة السلطان ووقّعت عليها في‏‏ معاهدة “سيفر” حقّ القوى الغربية في التدخّل في قضايا تركيا الداخلية ومقاطعاتها السابقة. واستخدم الغربيون‏ ‏الكثير من الأقلّيات في الإمبراطورية العثمانية كذريعة للتدخل السياسي،‏ ففي نهاية الحرب العالمية الأولى‏ ‏استخدم الغرب الأرمن والأكراد والموارنة واليهود والآشوريين، تمـاماً كما استغلّ العرب في بدايتها. لقد أدّت معاهدة “سيفر” إلى بعث الآمال القومية عند الأقليات والمطالبة بها، ما أدّى‏ ‏إلى توتّر في العلاقات بين الأقلية والأكثرية، وإلى عداء ما زال الشرق الأوسط يعاني منه.‏

(فكرة أرمينيا مستقلّة،‏ وخطّة حكم ذاتي للأكراد في المناطق التي هم الأغلبية فيها (تؤدي فيما بعد إلى‏ ‏الاستقلال إذا شاء الاكراد2 )، وقيام وطن قومي لليهود في فلسطين، وسيطرة الموارنة على لبنان الكبير،‏ وامتيازات ‏خاصّة للآشوريين في شمال العراق)

ومع انهيار روسيا القيصرية، وجد الأرمن أنفسهم في شرقي الأناضول في ظل ظروف خطرة. وبدأ المبعدون‏ ‏منهم بالعودة إلى بيوتهم مباشرة بعد أن وقعّت تركيا معاهدة الهدنة. وفي أيار سنة 1918، انتهز القوميون‏ ‏الأرمن قيام الثورة الروسية من جهة وانتصار جيوش الحلفاء من جهة أخرى فأعلنوا قيام الجمهورية الأرمـنية في‏ ‏القوقاز. كما أن استسلام الإمبراطورية العثمانية لقوات الحلفاء بعد خمسة اشهر أدّى إلى انسحاب الجيوش العثمانية‏ ‏من “ترانسكاسيا”في نيسان 1919 3 ومن شمال شرقيّ إيران، ما أدّى إلى تقلّص الأخـطار التي كانت تواجه‏ ‏الجمهورية الأرمنية الفتيّة. وبمساعدة القوات الملكية البريطانية بسطت الجمهورية الأرمنية سيطرتها الكاملة في‏ ولاية كارس كلّها. وكان قد سُمح لأكثر من 50,00 لاجىء أرمني ، كانـوا قد تركوا هذه الولاية حين تخلّى ا‏الروس عنها‏، بالعودة إليها 4، ولكن، عبّر أوامر مشدّدة لا تسمح لهم بدخول أرمينيا التركية. إلاّ أنّ مقاومة الإغراء‏ ‏بالتقدم نحو أرمينيا التركية كانت صعبة، فباشر الأرمن حالاً بتوسيع نطاق حدود الجمهورية لتشمل غربا‏ ‏الأناضول، مندفعين بحلم العودة مجدداً إلى فلاحة تراب فان وبدليس و أرضروم و ديار بكر- وما وراءها‏ ‏من أراضٍ5، وما شجعهم اكثر هو اعتراف معاهدة “سيفر” رسمياً باستقلال الأرمن في تركيا الشرقية.‏

في الوقت الذي كان الأرمن يحاولون السيطرة على تركيا الشرقية، كان اليونان يحلمون بتحقيق “فكرتهم‏ ‏الكبرى”، إذ نزلت القوّات اليونانية مدينة إزمير تحت حماية الحلفاء وتابعت لتضمّ غربي الأناضول، متخيّلة أنّها‏ ‏ستعيد بناء الإمبراطورية البيزنطية في حدودها القديمة، بحيث تكون القسطنطينية عاصمتها وأيا صوفيا‏ ‏كاتدرائيتها.‏

أمّا صيف سنة 1920 فلقد شجّع مسيحيي الأناضول على نحوٍ اكثر إذ كانت القوّات الفرنسية قد وصلت جنوب غرب تركيا، ‏وتطوع الأرمن اليافعون في خدمة الجيش الفرنسي تحت إمرة قادة فرنسيين، وصرّحت البعثات الأرمنية أن‏ّ ‏الطوائف المسيحية في النصف الغربي من تركيا أعلنت قيام ” دولة كيليكيا المسيحية المستقلّة ” 6.‏

وحين شعر الأتراك بالهزيمة والإهانة قاموا بردّة فعل معاكسة. فبعد انتهاء الحرب، أدّت عودة الأرمن‏ ‏إلى الأراضي التركية إلى نشوء حركة تركية تبغي منعهم من الاستيطان وحراثة حقولهم، وقالت “التايمز” أنّ الأتراك ‏أرسلوا عصابات على نمط قطّاع الطرق من قِبل وجهاء محليين للقيام بذلك، وأدّى ذلك إلى قيام حرب “بكلّ ما يلازم الحرب‏ ‏من بشاعة “7. وحين تمّ احتلال إزمير، انتشرت أخبار ذبح المسلمين بواسطة اليونان، وكيف تعرّضت قرى المسلمين‏ ‏الأتراك العزّل من السلاح للنهب والسلب من قِبل اليونان، وكيف أجبر سكّانها على الجوع. وهل كان الإنكليز هم الذين‏ ‏أتوا بالأرمن؟ كتبت “كيرترود بيل” تقول: إنّ العديد من الأكراد ارتاعوا من التحقيق الذي أجراه الإنكليز والأرمن‏ ‏حول الأعمال الشنيعة التي قاموا بها (الأكراد) ضد الأرمن في العام 1915″8‏.

بدأ مصطفى كمال في ربيع سنة 1919 يجمع القوّات الوطنية لينقذ تركيا ذاتها من التمزّق. إنّه ليس من الضروري‏ ‏الانشغال بتفاصيل السنوات القليلة التالية إلاّ في ما يتعلّق بالنصف الثاني من سنة 1920، حين أُزيل خطر اليونان‏، واستطاعت القوّات التركية السيطرة على القسم الأكبر من الرقعة التي طالبت بها الجمهورية الأرمنية، بما في‏ ‏ذلك “كارس” و”أرداهان”9.‏

نقلت الإرسالية الأميركية على جبهة كيليكيا أخبار الحرائق وإراقة الدماء، وفي مرعش أُجبرت القوات الفرنسية‏ ‏التي ساعدها الأرمن، بعد ثلاثة أسابيع من القتال، على الانسحاب، ووقّعت القوّات الأرمنية في أيدي الأتراك ‏الذين كانوا آنذاك ” مشحونين بالكره الشديد نحوهم “. وفي بداية سنة 1922 وقّعت القوّات الفرنسية معاهدة هدنة‏ ‏مع الأتراك حيث أعلنت فيها على انسحاب الفرنسيين من كيليكيا مقابل اعتراف حكومة مصطفى كمال بالحكم‏ ‏الفرنسي في سورية. أمّا الأرمن، كمواطنين أتراك، فلقد كان عليهم أن يسلّموا أنفسهم للسُلطة التركية ويقبلوا‏ ‏الضمانات التركية لحمايتهم. وسُمح للذين فضّلوا مغادرة الأناضول إلى سورية المحتلّة من قِبل فرنسا. ولقد كتب‏ ‏الدكتور “جان ميريل” رئيس كلية تركيا المركزية في عينتاب يقول ” أمّا خيبة الأرمن ” فقد فاقت تلك التي‏ ‏عانوها في أثناء قوافل المذابح والسوقيات، لأنها أضافت إلى مرارة الحدث ” إدراكهم بأنّهم تعرّضوا لخيانة “10.‏

في سنة 1922 منح الأتراك المسيحيين كلّهم “ترخيصاً إلى كل المسيحيين ” بمغادرة تركيا، فألّف المسيحيون مرة أخرى أسراباً من‏ ‏اللاجئين ترتجف من الخوف والذعر11، واصبح السريان الأرثوذكس والكلدان المسيحيون، بالإضافة إلى الأرمن، ضحايا‏ ‏الانتقام التركي. لقد هاجرت سنة 1921 و 1922 أعداد كبيرة من هاتين الجاليتين، عدا الأرمن، فوضعت بذلك ‏نهاية لوجودها الذي دام قروناً طويلة في أضنة وفي أورفه خاصّة 12. وكانت الأكثرية الساحقة من هذه الأعداد ضحايا‏ ‏عاجزة أمام القوى التي ولّدتها الأحداث المذكورة آنفاً، وبريئة من أيّة طموحات سياسية. ثمّة كاتب‏ ‏سرياني يتحدث عن بعض الأفعال السيّئة التي قام بها بعض الفتية الثائرين من طائفته في عهد الاحتلال الفرنسي، والتي‏ ‏أثارت استياء المسؤولين الأتراك 13.‏

وكغيرهم من الاقليات، بعد شعورهم بالحريات الجديدة المعلنة عنها في تصريحات الرئيس الأمريكي، طالب‏ ‏السريان الأرثوذكس حضور مؤتمر السلام في باريس، وأنضم بعض قادتهم، خاصة الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة‏ الأمريكية، إلى ممثلي” المنظمة الوطنية للآشوريين في أميركا ” وما لها من مطاليب طامحة14. وانضم إلى الوفد في‏ ‏باريس بطريرك السريان الأرثوذكس، أغناطيوس أفرام الأول برصوم، الذي كان آنذاك مطران سورية، وخاب ظنّه حالاً ممّا شاهد هناك0 وفي إحدى جلسات مؤتمر السلام بدأ البطريرك يدافع عن حقوق العرب بدلاً من‏ ‏الدفاع عن قضيّة شعبه. وقد صفّقت له الوفود العربية الموجودة وسمّي مطران العروبة و” قسّ الزمان ” 15.‏

خارج كيليكيا، ظلت أعداد ضخمة من الكلدان والسريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك في قراهما ومدنهم‏ا ‏بعد ترحيل الأرمن، ومع أنّهما وقفا إلى جانب الأتراك حين وُقعّت معاهدة الهدنة، إلاّ انهما كانتا غالباً موضع انتقامهم‏16، لقد تعرّضت هذه الأعداد مرّة ثانية للمذابح والترحيل في ثورة الأكراد في العام 1925، مع أنّ ذلك جاء بعد فترة‏ ‏طويلة من تسوية الأتراك لخلافاتهم مع المواطنين غير المسلمين.‏

كان الدافع إلى الانتفاضة الكردية، كما لاحظ كاتب كردي، السعي إلى إيجاد دولة كردية مستقلة، وضمانة‏ ‏الحقوق الوطنية للشعب الكردي. كان شعار الثورة الرئيسي ” تحقيق استقلال كردستان تحت الوصاية التركية‏ ‏واعادة السلطنة ثانية.” 17 ولكن الوطنيين الأتراك صمّموا على سحق الانتفاضة، فإن “لم يتلقّن الأكراد درساً ” في‏ ‏فترة مبكرة جداً فسوف تكون الولايات الشرقية مصدر خطر كبير على الدوام، وهذا سيرغم الجمهورية الفتيّة على إبقاء ‏جيوشها هناك ولن يكون سهلاً على الدولة تحمّل تكاليفها. لقد اقتنع الجمهوريون الأتراك بأنّ الأكراد كانوا قد لقيوا‏ ‏دعماً من الحكومة الإنكليزية في العراق، حيث كانت الإدارة البريطانية المنتدبة تميل إلى جانبهم 18. وأكثر من هذا، ‏لقد وجدت حكومة أنقرة في الأكراد عدواً أيديولوجياً، منهم من يمثلون ثورة مضادّة، أي إنّ تركيا القديمة تقاتل تركيا‏ ‏الجديدة. وحين احتلّ الأكراد ديار بكر وخربوط لفترة قصيرة، نصبوا محمد سليم، الابن الأكبر للسلطان عبد‏ ‏الحميد الثاني ” ملكاً على كردستان “. وطالب المتمرّدون بإعادة القوانين الدينية والمؤسّسات التي كانت ” حكومة‏ أنقرة الملحدة ” قد ألغتها، كما دعوا الأتراك المسلمين لينضمّوا إليهم في حربهم المقدّسة (الجهاد) ضدّ الجمهورية‏ ‏الجديدة19 .

ولم تمض فترة طويلة حتى انهالت قبضة حكومة أنقرة الثقيلة على الانتفاضة الكردية وقوضّتها وألقت القبض‏ ‏على قادتها. و في نيسان 1925 سيق الثوار إلى الجبال، وعندها قال عصمت باشا أمام الهيئة الوطنية العليا ” إن‏ّ ‏الجبـال ستصبح مقبرة لهم 20. وحكمت المحكمة العسكرية التركية التي انعقدت في ديار بكر بالموت على الشيخ سعيد‏ ‏و 47 من القادة الأكراد ونفذت الحكم في آب من العام 1925. كتب “غاسيملو” يقول ” دُمِرت 206 قرية، واحترق‏ ‏8,758 بيتاً وقتل 15,200 شخص “، ونُقلت قرابة ألف عائلة كردية من وجهاء الأكراد إلى الأقسام الغربية من الأناضول 21.‏

أما السريان الأرثوذكس الذين استُثنوا في أثناء الأعمال الوحشية التي تعرّض لها الأرمن، فلقد اصبحوا ضحايا خلال سحق‏ ‏التمرد الكردي، وتعاون بعض المسيحيين السريان مع الأكراد وأعطاهم بعضهم الحماية إمّا عن خوف أو عن قناعة22، لذلك‏، ‏طوّقت الحكومة عدداً من السريان الأرثوذكس والكلدان ونفتهم من القسم التركي الذي ادّعت الحكومة الإنكليزية أنّه للعراق‏ إلى شمال ” خطّ برسلز ” 23، ونسب بعض الناس الذين قاموا بالتحقيقات الفورية عملية الإبعاد هذه إلى رغبة الحكومة‏ ‏العسكرية التركية في مصادرة المواشي والقمح من القرى المسيحية لتطعم قواتّها الجائعة والغاضبة. ومن الناحية‏ ‏السياسية، كانت السلطات التركية تخشى أن يكون ولاء المسيحيين للسلطات البريطانية والعراقية عبر الحدود. ‏لقد صرّح الجنرال “لادونر”، المسؤول مِن قبل عصبة الأمم عن تحري عملية الأبعاد، ” أنّه اقتنع وبدون شكّ ” أنّ ‏الضبّاط الأتراك قادوا أولاً عملية الاحتلال، ثمّ فتشوا القرى بحثاً عن السلاح، وبعد فترة قصيرة سلبوا أهاليها ونهبوا‏ ‏بيوتهم وعرّضوهم لأشنع أنواع التعذيب والقتل. كان الترحيل عاماً 24. لقد طردوا بطريرك السريان الأرثوذكس مار‏ ‏أغناطيوس الياس الثالث من دير الزعفران وحوّلوا الدير إلى ثكنة تركية 25.‏

لم يغادر جميع السكان المسيحيين في الأناضول بيوتهم في أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، فلقد رجع بعض‏ ‏الذين كانوا قد عبروا الحدود إلى سورية أو العراق إلى قراهم. وفي أثناء النزاع احتفظ سكان طور عابدين بمعاقلهم‏ ‏الجبلية، وكما في الماضي، لجأوا إلى كنائسهم وأديرتهم . وكانت قرى مثل قلث 26، ومدو، وباسبرين، وآزح، وحاح من‏ ‏بين ما يقارب 60 قرية بقي معظم سكانها من المسيحيين حتى منتصف سنة 1970. ويرجع تاريخ إحدى الكنائس‏ ‏في “حاح”، ” كنيسة العذراء “، إلى أيّام الرسل. إنّ فسيفساءها البيزنطية الرائعةلم تُمسّ، وقد تكون أقدم‏ ‏كنيسة في العالم لا تزال تستعمل حتى الآن، لقد جاء في وصف “جيرترد بيل” لزينة هذه الكنيسة‏ ‏وزخرفتها الدقيقة: ” إنّها جوهرة طور عابدين” 27.‏

كتب طالب أمريكي، ينتمي إلى إحدى الكنائس الشرق الأوسطية، وقد زار طور عابدين سنة 1974‏ ‏يقول : “أنّ ما يميّز كنائس المنطقة وأديرتها عن غيرها من الآثار الباقية للمسيحيين القدامى في آسيا الصغرى هو‏ ‏عبارة ” لاتزال قيد الاستعمال “28. وخلال زيارته شاهد الطالب المؤمنين يجتمعون في مختلف الكنائس لصلاة‏ ‏المساء0 وهناك في قرية “قلث” شاهد كنيسة سريانية بروتستانية عدد أعضائها 20 عائلة من بقايا نشاط البعثة‏ البروتستانتية التي كانت مزدهرة في ما مضى29.‏

أمّا الموقع الرئيسي في منطقة طور عابدين فهو دير الزعفران وكاتدرائيته، أي كنيسة الأربعين شهيداً30. كان في الدير ‏سنة 1970 أربعة رهبان فقط ، وكان الدير، لأجيال عديدة مقر بطاركة السريان الأرثوذكس الصيفي قرب ماردين، ‏ومنـزلاً لما يقارب 60 راهباً 31. وثّمة 10 رهبان غيرهم يخدمون في أديرة أخرى – كمار كبرئيل ومار‏ ‏يعقوب – حيث يصرفون معظم وقتهم في صيانتها، ويتعهّدون بعناية الحدائق وأشجار البساتين، بالإضافة إلى التأمّل‏ ‏والتعليم واستضافة الزوّار والفلاّحين الذين يقطعون رحلة طويلة بغية حضور قدّاس الأحد. قد تمّ ترميم دير‏ ‏مار كبرئيل في قرية “قرطمين” وهي تبعد زهاء 20 ميلاً شرق “مديات”، كما أضيفت إلى البناء القديم بعض الأبنية الجديدة في‏ ‏السنـوات القليلة الماضية. وفي القرون الوسطى، كان دير مار كبرئيل، يسمّى أحياناً ” دير‏ ‏العمر ” وهو الأكثر شهرة والأوفر غنى بين جميع أديرة السريان الأرثوذكس. وتقول التقاليد إنّ مطران الدير، مـار كبرئيل، حصل‏ ‏من الخليفة عمر بن الخطاب على حقّ الوصاية على كلّ المسيحيين في طور عابدين حين طردت قوّات الخليفة‏ ‏البيزنطيين من تلك المنطقة 32.‏

لقد تمّت صيانة هذه الأبنية الموقّرة بالإضافة إلى توسيعها بواسطة تبرّعات سخيّة من السريان الأرثوذكس في كلّ مكان، وخصوصا‏ً ‏من الذين هاجروا إلى أمريكا. بالنسبة إلى السريان الأرثوذكس، تعتبر هذه المناطق والمعالم مقدّسة، حيث كان للسريان‏ ‏وحدهم في طور عابدين وحدها أكثر من 70 مركزاً رهبانياً33، قد ” تقدّست عبر العصور بدماء الشهداء ووساطة‏ الروح القدس ‏العجائبية ” 34. ويعمل في الوقت الحاضر اثنان من هذه الأديرة كمعهد لاهوتي. في سنة 1974 كـان‏ ‏في دير الزعفران ودير مار كبرئيل 50 طالباً، يتهيّأ بعضهم للدخول في سلك الكهنوت 35. ولعلّ أعظم خرّيجي‏ ‏دير الزعفـران البطريرك مار إغناطيوس أفرام الأول برصوم، سلف المطران الأخير الذي كان خرّيج دير‏ ‏مار متى في شمال العراق 36.‏

ما زالت مدينة “مديات” عاصمة لطور عابدين الوسطى ومركزاً لواحد من اثنين من مطارنة السريان الأرثوذكس في‏ ‏تركيا. ولمديات أبرشية يقارب عدد أبنائها 20 ألف نسمة يعيشون فيها وفي القـرى المجاورة لها، ويقوم على خدمتها ‏‏40 قسّاً. وفي المدينة خمس كنائس، لكلّ كنيسة قسّها، وتقسم المدينة إلى منطقتين تبعد الواحدة عن الأخرى قرابة 2‏ ‏كم، غالبية إحداهما من المسلمين في حين أنّ الأخرى مسيحية 37.‏

كانت جميع الطوائف المسيحية في النصف الشرقي من الأناضول موجودة في ماردين بعد اضطراب سنة‏ ‏1914 – 1918 الذي ساد ذلك القسم من تركيا 38. وكان السريان الأرثوذكس أهمّ الفرق المسيحية في المدينة إذ حلّوا محلّ ‏الأرمن. وكانت ” رعية كبيرة ” للسريان الأرثوذكس، في الريف المجاور في الستينيات من هذا القرن،‏ ‏ولبعضهم كنائسه الخاصّة وقسسه.‏

يبدو للوهلة الأولى، أنّ الأوضاع قد عادت إلى وضعها الطبيعي الذي كان سائداً في ما قبل الحرب العالمية‏ ‏الأولى. كانت إرسالية تركيا الشرقية التابعة للهيئة الأمريكية قد فتحت مدارسها في ماردين في أواخر سنة‏ ‏1924. كما صرّح المرسلون الأمريكان في أثناء القلاقل الكردية، في أواخر العشرينيات وبداية الثلاثينيات، أن‏ّ ‏المسؤولين الأتراك في المدينة كانوا ودودين كثيراً وقدّموا مراكز للإرسالية لها حراسة خاصّة 39.‏

ومع أنّ ماردين بقيت، خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مدينة تتكلّم اللغة العربية‏ ‏إلاّ أنّ جميع سكّانها كانوا يتكلّمون اللغة التركية أيضاً. كما أنّ قسماً من الخدمات الدينية التي ما زالت في العربية‏ ‏عند السريان الأرثوذكس كالقدّاس وقراءة الأناجيل كان قد تمّ نقله خلال الستينيات إلى اللغة التركية. حتى ذلك الحين، كانت‏ ‏جميع الكتب الخاصّة بالطقوس الدينية مكتوبة إمّا باللغة السريانية أو العربية40. وكان للمدينة مطران مسؤول عن ‏جميع السريان الأرثوذكس المسيحيين في تركيا حتى وفاته في أواخر الستينيات. وأصبحت ماردين‏ ‏بعد ذلك تابعة لسُلطة مطرانية منطقة الجزيرة في سورية.‏

أمّا خارج نطاق مناطق طور عابدين وماردين فكانت إستنبول وضواحيها مركزاً لتجمّع السريان الأرثـوذكس0 ‏وفي إستنبول، سنة 1963، بنت الطائفة المؤلّفة من قرابة سبعة آلاف نسمة مجمّعاً يضمّ مدرسة وكنيسة‏ ‏وأطلقت عليه اسم “كنيسة الوالدة مريم للسريان القدامى” 41.‏

وكأيّ مكان آخر في الشرق الأوسط، حصل السكّان المسيحيون في تركيا على بعض الطمأنينة والراحة‏ ‏لا سيّما في المدن الكبيرة المتعدّدة الأجناس، ووجدوا فيها فرصاً اقتصادية فضلى بالإضافة إلى أنّ العلاقـات بين الأفراد أصبحت‏ ‏أكثر وديّة عمّا مضى. ولكنّ مستقبل الأقلّيات المسيحية القليلة في تركيا يبدو غامضاً، على عكس العالم‏ ‏العربي حيث الوجود المسيحي أقوى، حيث ربط المسيحيون (الأقباط في مصر واليونان الأرثوذكس في سورية سكّان تلك‏ ‏الدول الأصليون) مصيرهم مع العرب، وتعاطفوا كجماعة مع مطامح المواطنين المسلمين الوطنية، لذلك‏، ‏تسببّت التجربة التركية باغتراب المسيحيين، حتى إنّ مستقبل طور عابدين نفسه يبدو غير معروف.‏

لاحظ زائر مطّلع على أوضاع طور عابدين أنّ هناك بعض العلاقات الوديّة بين بعض المسيحيين والمسلمين، ‏وتأثّر بالصداقة القائمة بين ” قسّ وإمام “. لقد شاهد الزائر امرأة مسلمة مع طفلها المريض جدّاً تطلب من قس‏ّ ‏سرياني أرثوذكسي أن يبارك ولدها ويصلّي لأجله. غير أنّ الزائر شاهد أيضاً أنّ الجوّ العامّ للعلاقة الدينية متوتّر والوضع في مأزق‏ ‏يرثى له. وكتب يقول: إنّ هناك قرى مسيحية برمّتها ” ينتابها الخوف من أنّ المسلمين سيحصلون على أملاك في‏ ‏قراهم 42″. بعد الحرب العالمية الثانية، اعتنق سكّان قرية مسيحية بأجمعها الديانة الإسلامية، لإنقاذ القرية. في الواقع ثمّة عدّة‏ ‏قرى مسلمة ما زال كبـارها يتذكّرون كيف كانوا مسيحيين, ويرى اليافعون منهم، على حدّ قول “هورنر”، أنّ لا مستقبل لهم‏ ‏هناك، ما يدفعهم، باستمرار، إلى الهجرة من طور عابدين إلى استنبول وسورية ولبنان أو إلى أوروبا وأستراليا‏ ‏وأمريكا 43.‏

2- السريان في سورية

وجد اللاجئون من الأناضول بيوتاً جديدة وقرى في سورية ولبنان والعراق، حيث قدّمت لهم يد المساعدة عن طريق أفراد طائفتهم الذين عاشوا مدّة طويلة في هذه الأماكن التي كانت سابقاً تابعة للعثمـانيين. كما أنّهم تلقّوا دعماً وتعاطفاً من قوّات الحلفاء الذين كانوا قد احتلّوا هذه المناطق في تلك السنوات العصيبة .

أغرت الأراضي السورية الواقعة جنوبي تركيا الأكثرية من السريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك، بالإضافة إلى عدد كبير من الكلدان والأرمن والأكراد وبعض اليهود44. لقد وجدوا فيها ملجأ هناك، وذلك بفضل الاحتلال الفرنسي الذي وفّر لهم الأمن. لقد جاء الناس المتضرّرون من أحداث بداية العشرينات في مقاطعات كيليكيا وكردستان التركية والذين أتوا ليستقرّوا في حلب وحماة وحمص ودمشق، ولكنّ غالبيتهم وجدت بيوتاً وقرى في الجزيرة السورية ” أرض لا أحد ” أو ” أرض بلا شعب “التي لم يكن فيها قبل 1927 شعب مستقرّ، عدا 45 قرية كردية 45.

ونتيجة الثورة الكردية في منتصـف العام 1920 وفي الـعام 1930 في تركيا، كما ذكرنا سابقاً 46، نزح ما يقارب 20,000 كردي إلى شمال الجزيرة على الحدود السورية – التركية حيث سكنوا هناك، وجلب أغلبهم أغنامهم ومواشيهم واستقرّوا كفلاّحين إمّا في قراهم أو في أراضٍ يملكها أكراد47. لذا، ازداد عدد سكّان الجزيرة خلال السنوات 1919 – 1939، وأدّى ذلك إلى ارتفاع عدد القـرى والمستوطنـات إلى ما يقارب 700 مستوطنة. وفي سنة 1935 وحدها نشأت 150 قـرية في المنطقة، استقرّت في بعضها آخر موجة من العشائر الآشورية المهاجرة من العراق إثر اصطدامها بالحكومة العراقية48.

كانت الجزيرة تكوّن زاوية خصبة من سورية، إذ تسقي تربتها روافد نهر الفرات، والرافد الرئيسي منها هو نهر الخابور الذي يجري عبر المنطقة من منبعه في رأس العين على حدود تركيا نزولاً إلى الفرات جنوبي دير الزور. تحوّل هذا القسم الشمالي الشرقي من سورية بالتدريج إلى منطقة قابلة للانفجار، إلى جانب مناطق متوتّرة سياسياً كجبل الدروز واللاذقية. بمعنى آخر، أصبح أمر السيطرة على الجزيرة أكثر صعوبة لخلوها من التجانس الذي كان متوافراً في مناطق الدروز والعلويين. وفي أواخر العام 1930 قُدر عدد سكّان الجزيرة بما يلي49:

سريان أرثوذكس وسريان كاثوليك 35,000
أرمن 25,000
آشوريون (على نهر الخابور) 9,000
أكراد 20,000
يهود 1,500
انتماءات متفرّقة (من ضمنها العرب) 9,500

أما هؤلاء المهاجرون السابقين، الذين تكوّنوا من سكّان كانوا قد فرّوا حديثاً من الحرب والمجاعة، فقد خافوا من احتمالات هجرة جماعية أخرى بعد خروج الفرنسيين، وكان هذا الاحتمال قد بدا قريباً وذلك في منتصف سنة 1930 حين أراد الفرنسيون في سورية ولبنان، والإنكليز في العراق ومصر، إيجاد نهاية لعلاقاتهم الخاصّة بهذه الدول50. خشيت الطوائف المسيحية بأسرها في الشرق الأوسط، ربّما بإستثناء اليونان الأرثوذكس العرب51 وأقباط مصر، من أن يتسلّم الحكم من القوى الأوروبية 52 نظام عربي-مسلم لا تجربةَ له، فطالبوا بمنح ولاية الجزيرة – إذا خرج الفرنسيون من سورية-بعض الحكم الذاتي المحلي، مع شرعيّة خاصّة كتلك التي في ولاية إسكندرون. لقد اتّحد كما كتب “جان هوب سيمبسون” السكّان بأجمعهم من مسيحيين وعرب وأكراد “المطالبة بحكومة محليّة”53.

سيطر القلق في الجزيرة، وكذلك في جبل الدروز ومناطق العلويين، لمّا تمّ توقيع المعاهدة الفرنسية – السورية سنة 1936. ونصّت المعاهدة على استبدال المسؤولين الفرنسيين بآخرين سوريين. أمّا مطاليب الأكراد والمسيحيين في حدودها الدنيا فكانت تنصّ على تعيين إداريين من سكّان الجزيرة، ولكنّ الحكومة المركزية رفضت هذا الشرط وأصرّت على أنّ الجزيرة جزء متكامل من سورية. كما برهن المسؤولون في دمشق، لسوء الحظ، مرّات عديدة على عدم اهتمامهم بمخاوف السكان المحليين وهواجسهم، غير أنّ الحكومة المركزية كانت تُرضي جميع الأطراف54 .

أدّى انفجار التوتّر إلى تصادم علني في صيف 1937 حين أبدى الأكراد اعتراضهم على المسؤولين السوريين الوطنيين الذين عُيّنوا في المنطقة. بدأ تمرّد الأكراد في الحسكة وأنتشر إلى القامشلي وأماكن أخرى مدعوما من السكان، وبتشجيع من بعض المسؤولين الفرنسيين، طالب المتمرّدون بالاستقلال الذاتي. وفي آب من العام 1937 أغار العرب الشمر على عامودة، وهي قرية لها أهميّتها في إنتاج القمح وفيها 300 عائلة مسيحية، فهدّموها وخرّبوها بمساعدة الأكراد الموالين للحكومة. واضّطر السكان المسيحيون في عامودة إلى اللجوء إلى مدينتي القامشلي والحسكة55.

في منتصف آب 561937 استطاعت كتيبة من المشاة مدعومة بدرّاجات ناريّة وأسراب من الطائرات أن تضع نهاية للاضطرابات. وفي نهاية تلك السنة عارض بطريرك السريان الكاثوليك الكـاردينال “تبوني”، ممثّلا الأقلّيات المسيحية، الحكم السوري المباشر في الجزيرة، وفاتح وزارة العلاقات الخارجية الفرنسية، شارحاً في رسالته إليها احتمال ذبح المسيحيين في شمال سورية وأماكن أخرى، واقترح منح جميع الفئات في الجزيرة المساواة التامّة في الدين والشؤون الشخصية. مثلاً: تعيين عدد منصف من الإداريين المسيحيين وإيجاد وسائل حماية كافية في المناطق التي قد يكون الأمن المسيحي فيها معرّضاً للخطر، وحماية مصالح الأقلّيات من خلال اللامركزية في الحكم57.

وقعت بين الحين والحين أعمال شغب في المنطقة ضدّ المسؤولين السوريين. لقد خُطف حاكم الجزيرة توفيق شامية، وهو أرثوذكسي يوناني من دمشق، في تشرين الأول 1937 بواسطة جماعة من مدينة الحسكة 58وأُفرج عنه حالاً59، ولكنّ اعتقال الخاطفين في نهاية 1939 أثار الاهتياج والتظاهر في المنطقة بغية الإفراج عنهم. ارتفعت آمال سكّان الجزيرة عالياً عندما لم يصدّق مجلس النواب الفرنسي على اتفاقية سنة 1936، ما أدّى إلى استقالة رئيس الجمهورية السورية وأعضاء مجلس الوزارة، وعطّل المندوب الفرنسي السامي الدستور السوري وحلّ مجلس النواب وعيّن مجلساً من إداريين غير سياسيين يحكم بمرسوم خاضع لتوجيهه60. في هذه الساعة المتأخّرة أدارت الحكومة المنتدبة عقارب الساعة إلى العام 1920 حين بدأ حكمها. أمّا جبل الدروز واللاذقية، اللذان كانا فصلا عن سورية في العام 1922، فقد تمّ حسب اتفاقية 1936ضمّهما إلى سوريا كإدارتين مستقلّتين. أمّا سنجق إسكندرون، الذي كان رسمياً قسماً من سورية ويتمتّع بإدارة شبه مستقلّة، فلقد أُعطى إلى تركيا التي ضمّته إلى أراضيها سنة 611939. كما نصّ مرسوم المندوب السامي على نقل الجزيرة من الحكم السوري المباشر ووضعها تحت سيطرة مندوبه المباشر في الحسكة. ولكن، خلال ستة اشهر كانت الحرب العالمية الثانية على أبواب فرنسا، لذلك انتقلت وظائف السلطة إلى المسؤولين السوريين مرّة أخرى، وسيطر الهدوء والسكينة نتيجة الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه بين فرنسا والحكومة السورية62.

لم يعيق التوتّر السياسي التقدّم في الجزيرة، وإن راودت مهاجري المنطقة واللاجئون لأسباب وجيهة الريبة وعدم الشعور بالأمان، ولكنّهم كانوا شعباً يقتصد ويعمل بجدّ، لذا، استطاعوا في فترة قصيرة أن يبرهنوا على انّهم أعضاء مهمون يخدمون جيرانهم كحرفيين وميكانيكيين وكهربائيين وأصحاب محلاّت ورجال أعمال، كما كان هناك الكثير من المسيحيين المثقفين منهم السريان الأرثوذكس والأرمن، ولاسيما البروتستانت الذين كان بينهم مثقفون تلقّوا علومهم في مدارس الإرساليات الأميركية في الأناضول63، ويعود الفضل لهؤلاء جميعا في تحويل مقاطعة الجزيرة إلى منطقة إنتاجية، قبيل الحرب العالمية الثانية، لها عدّة قرى غنيّة ومدينتان مزدهرتان، القامشلي التي كان عدد سكّانها 23,000 منهم 20,000 مسيحي، والحسكة التي كان عدد سكان 12,000نسمة. وبين سنتي 1936 و1937 كان خـطّ بغداد – استنبول يمرّ في أرض الجزيرة، وبواسطته كانت تصدّر مئات الألوف من أطنان القمح، بالإضافة إلى ما نقل إلى سورية عن طريق البر64.

جلبت سنوات الحرب ازدهاراً أكبر إلى الجزيرة حين شجّعت دول الحلفاء إنتاج المواد الغذائية في الشرق الأوسط، فتألفت خلال الحرب دائرة رسمية لمساعدة الجزيرة كي تصبح مركزاً لإنتاج القمح، ودفعت الأسعار العالية إلى قيام مشاريع محلية، فارتفع عدد الجرّارات والآلات الزراعية من 40 آلة في سنة 1942 إلى 930 آلة سنة 1950. وتضاعفت مساحة الأراضي المحروثة في 1942 من 50,000 إيكر ( الإيكر يعادل 4,840 ياردة مربّعة أو نحو 4,000 م2 )، إلى أكثر من مليون إيكر في سنة 651950.

أمّا الثروة المتراكمة خلال الحرب فقد استثمرت في مضاعفة الاهتمام بالأراضي الزراعية. وفي أوائل سنة 1960 كتبت “Doreen Warriner دورين وارنر” تشير إلى أنّ أن الجزيرة كانت تعتمد كلّيا على الإنتـاج الآلي مثلها مثل أيّ دولة في العالم، ولمّحت إلى دور الروّاد الذين غيّروا الأرض من أرض البداوة ورعي الماشية إلى أرض خصبة ذات أهمية زراعية اعتمدت على الآلة، ويعود الفضل في ذلك إلى المسيحيين المهاجرين من تركيا ومنهم الأرمن والسريان الارثودكس والسريان الكاثوليك. وإذا كان هناك مزارعون – مقاولون من المسلمين، إلاّ أنّ الأقليّة المسيحية تسلّمت زمام القيادة. كانت إحدى الشركات الرائدة في سنة 1960 ملكاً لعائلة سريانية أرثوذكسية من ديار بكر – الأخوة أصفر ونجّار – وكانت لهذه الشركة فروع في دمشق وحلب والقامشلي. وزرعت الشركة مئات ألوف الهكتارات (الهكتار يعادل 10,000م2) من الأراضي كانت قد استأجرت اكثر من نصفها واشترت القسم الآخر. في أواخر الخمسينيات مثّل الياس نجّار -أحد الأخوة- مدينة القامشلي في البرلمان السوري، وطالب الحكومة بإلحاح أن تخصّص أموالاً اكثر لإنشاء الطرق في منطقته66.

ومع الزمن حلّ تدريجيا مبدأ الإعجاب والتقدير المتبادل محلّ الشكّ والريبة بين البدو أبناء البلد والسكان الجدد. كان شيوخ عشائر البدو أصحاب الأرض التي منهم استأجرها أو اشتراها التجّار-المزارعون، وخاصّة الأراضي التي كان المزارعون يسقونها عبر المضخّات المائية 67. كانت قيمة إيجارات الأرض تتـراوح بين 10 إلى 15 بالمائة من الإنتاج الاجمالي68. وبإزدهار الزراعة أبدي العشائر اهتمامهم بها وبدأ الشيوخ يقدّرون ثروتهم بعدد بالات القطن وأطنان القمح بالإضافة إلى عدد الماعز والجمال69.

خمد التوتّر السياسي في الجزيرة عام 1946 حين ترك الفرنسيون سورية. وساعد رحيل الفرنسيين الأقلّيات على أن تدرك أنّها لا تستطيع الإعتماد على دعم الفرنسيين وتدخّلهم70. وهذا الإدراك بدوره طمأن الحكومة السورية بأنّ الاقلّيات لن تستغل كالسابق من قبل قوى أجنبية غايتها السيطرة على البلد. وعند زيارة الرئيس شكري القوتلي للجزيرة في العام 1945 استُقبل بابتهاج شديد71.

لاحظ كاتب سرياني أرثوذكسي في أثناء زيارة سياحية إلى الجزيرة النجاح العظيم الذي حقّقه بعض أفراد طائفته في المنطقة بعد الاستقلال. كانت للطائفة مدرستان ثانويتان واحدة في القامشلي والأخرى في صدد. وكانت لها أيضاً خمس مدارس إعدادية في الحسكة والمالكية وفيروزة وزيدل وحلب، ومدارس ابتدائية متعدّدة في شتّى المدن والقرى72.

بدأت سورية المستقلّة تبني على الأسس التي وضعها المهاجرون واللاجئون. ولكنّ الحكومة، على حدّ قول “دورين وارنير “، لم تفعل شيئاً لتشجيع التنمية الزراعية مع أنّها بدأت بإدخال مشاريع عدّة لتحسين الري خلال الستينيات. وعند الشروع في بناء سدّ الفرات سنة 1964 بمساعدة الاتحاد السوفيتي كان هناك توقّع أن تنشأ “جزيرة جديدة “. وعند افتتاح هذا المشروع في العام 1973 اعتبر أكبر مشروع كمصدر للطاقة والري في الشرق الأوسط بعد السدّ العالي في أسوان. وقدّرت مياه الفرات المختزنة بأنّها ستروي قريباً كفاية من الأراضي بحيث تتضاعف المناطق المزروعة في القطر وتجعل من الجزيرة إحدى أجمل وانجح الولايات في العالم العربي73. وكانت الفرص الاقتصادية في هذه الزاوية من الشمال الشرقي من سورية مواتية بعد الاستقلال حين اكتشف البترول والغاز الطبيعي هناك، ما دفع الحكومة المركزية إلى أن تولي اهتماماً أكبر لهذه البقعة المهمّلة التي كانت تسمّى “أرض بلا شعب”.

عند كتابة هذه السطور كانت للسريان الأرثوذكس والكاثوليك أسقفيات منذ 1930، وكانت أسقفية الجزيرة تتمتّع بأكبر كثافة بشرية بين هاتين الفئتين74 بعد الحرب العالمية الثانية حين كان عدد سكّان المسيحيين في سورية قد ظلّ على حاله أو آخذاً بالإنحدار نتيجة الهجرة، إلاّ أنّ الجزيرة أظهرت ارتفاعاً عظيماً في عدد سكّانها المسيحيين، مع العلم أنّ التضخّم الإسلامي كان أكبر بكثير. ولكنّ المنطقة تظلّ غير متجانسة، فنسبة السكّان غير العرب فيها هي أعلى من نسبة أية منطقة أخرى في سورية75.

خارج إطار الجزيرة استقرّ السريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك في حمص وحماة وحلب ودمشق. وسيطر الفرع الكاثوليكي من الطائفة في هذه المراكز الدينية وخاصّة في حلب التي هي معقل الكاثوليك لمدّة طويلة76. وفي الستينيات كانت جميع كنائس الكاثوليك الرئيسية في الشرق الأوسط ممثّلة في حلب. كان للملكيين أو الكاثوليك اليونان – وهم أهمّ فئة كاثوليكية لها تأثيرها في سورية- سبعة أبرشيات مع ستّة قساوسة و 7,500 نسمة. الموارنة 3 أبرشيات مع 7 قساوسة يخدمون 2,500 نسمة. والأرمن الكاثوليك ، لهم 7 أبرشيات و 12 قسّاً و15,500 مؤمن. والكلدان (كاثوليك – نساطرة سابقاً)، 6 أبرشيات و 8 قسان وما يقارب 6,000 مؤمن. من ما يقارب نصف مليون إنسان يعيش في حلب قدّرت نسبة المسيحيين بما يقارب 30% 77. لقد استقرّ معظم السريان الأرثوذكس في حلب وحواليها بعد الحرب العالمية الأولى78.

يعيش في العاصمة السورية قليل من السريان الارثودكس مع أنّ البطريرك مقيم هناك منذ 1957 79. استقرّ معظم السريان الارثودكس في دمشق منذ الحرب العالمية الأولى. أمّا السريان الذين كانوا هناك قبل الحرب العالمية الأولى فاعتنقوا الكاثوليكية80. وفي الستينيات قدّر عدد السكّان الكاثوليك بما يقارب 4,250 نسمة، لهم 5كنائس و 7 قساوسة ومدرستان إعداديتان81.

تُعتبر حمص مركزاً مهماً آخر للسريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك حيث أقام فيها بطريرك السريان الأرثوذكس قبل انتقاله إلى دمشق. وتليها حماة 82، أمّا سكّان مدينتي صدد وحفر فأغلبيتهم مسيحيون. وقدّر عدد سكان السريان الارثودكس والسريان الكاثوليك في سورية في منتصف 1970 بأكثر من 82,000 – 100,000 نسمة من السريان الأرثوذكس ، و 21,000نسمة من السريان الكاثوليك83.

في لبنـان

تعود جذور السريان في لبنان إلى العصور الوسطى المتأخّرة، حين التمس أعداد لا بأس بها، أثر الغزو المغولي ، ملجأً لهم وسط الموارنة في مقاطعة “بشرّي” المنعزلة. ولقد نجحوا خلال القرن الرابع عشر والخامس عشر في هِداية بعض الموارنة إلى الطائفة السريانية. كان بطريرك السريان الأرثوذكس اغناطيوس نوح البكفاوي اللبناني (1494 – 1509) المقيم في حمص أصله من لبنان كما يشير إسمه إلى ذلك. وبالتدريج تشتّت قسماً منهم وامتصّ الموارنة الأكثر سيطرة قسماً آخر؟ لاحـظ السيماني أن (“عدة عائلات مـارونية في جبل لبنان كما في المدن السورية أصلهم سريان. كانت الطائفة السريانية في القرن السابع عشر في طرابلس قويّة جداً حتى أنها استطاعت امتلاك دير صليبي بدير “دير البلمند”.
كـان للموارنة تأثير كبير، كما رأينا ، في خلق بطريركية كاثوليكية بين السريان والشكر في ذلك يعـود إلى مركز الموارنة وصلاتهم ، ركّز السريان الذين اعتنقوا الكاثوليكية أنفسهم في دير الشرفة في لبنان. وبالتدريج أصبح هذا الوجود الضعيف أكثر فعّالية حين أنضمّ إليهم الذين جذبتهم الغرض الاقتصادي إلى هذا الموقع من الإمبراطورية العثمانية بالإضافة إلى غيرهم من لاجئي الأناضول بعد مذابح سنة 1890 وما بعدها. قدم البعض بعد الحرب العالمية الاولى حيث انضموا إلى أخوتهم واستقرّوا في بيروت وزحلة وطرابلس.

ثبّت بطريرك السريان الكاثوليك إقامته خلال فترة الحرب العالمية الأولى بشكل دائم من بيروت ، تماما كما فعل قبله أول أسقف من طائفته أكثر من 250 سنة. انتقل في اوائل 1898 البـطريرك “مار أفرام رحماني” بطريرك السريان الكاثوليكي ، بموافقة البابا، إلى مدينة بيروت من ماردين، حيث يقيم المعارضون الأرثوذكس وحيث الأوضاع في أناضوليا غير مستقرّة، مما جعل الانتقال أكثر مستحسنا. لقد وُضعت خطة الإنتقال إلى لبنان بشكل دائم حالاً بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى حين بدت العودة إلى ماردين مستحيلة.

أحرزت طائفة السريان الكاثوليك (السريان سابقا) مكانة مرموقة بحكم إقامتها في مركز الكاثوليكية في الشرق الأوسط ونفوذا أبعد بكثير من عددها ، وبالأخصّ عندما انتخب البطريرك “جـبرائيل تبوني” كاردنيالا للكنيسة الكاثوليكية سنة 1929. تلافى الكاردينال تبوني التدخل في السياسة المحلية وركّز قواه جميعها على جمع طائفته المبعثرة. فأشرف من مركز بطريركيته في بيروت على نشر الـدين وعمل الخير لشعبه في الشرق الاوسط وما وراءه. يملك السريان الكاثوليك اليوم أربعة أبرشيات، إثنان في العراق (الموصل وبغداد)، وإثنان في سورية (حلب ودمشق).

هناك مطرانيتان في سورية ، واحدة في مدينتي حمص وحماه والأخرى في الجزيرة والفرات. جميع السريان الكاثوليك الذين يعيشون خارج هذه المناطق هم تحت سيطرة البطريرك الذين عين بدوره وكلاء عنه للإهتمام بشؤون الرعية. في سنة 1960 كان هناك ستة وكلاء للبطريرك يدير شؤونهم شخص يحمل، اسميا فقط، لقب مطران: أربعة منهم في الشرق الأوسط، وأثنان في اوربا (روما وباريس(.

استهل اغناطيوس تبوني المعروف بـ “الكاردينال البنّاء” برنامج بناء كنائس وبيوتاً للكهنة بلغت ذروتها في بناء كاندرانية جديدة في مقاطعة “مسيلح” في بيروت حيث كان للطائفة أبرشية. وازداد عدد أفراد السريان الكاثوليك حتى وصل إلى 20,000 نسمة في سنة 1960، بالإضافة إلى 8 كنائس، 14 قساً، ثانوتين، و7 إعداديات، وثلاثة جمعيات خيرية.

وجد السريان الارثوذكس أيضا ملجأ في لبنان، ولكنهم لم يشعروا أنهم في ديارهم كاخوانهم الكاثوليك. وفي ظل الوحدة الموحشة كقادمين جدد، انجذب بعضهم إلى الكنيسة الكاثوليكية الأكثر شهرة كما فعل اسلافهم من قبل، واستقر الأغلبية منهم في بيروت وزحلة ، مدينة مهمة تقع اغلبيتها في وادي البـقاع. ووجدوا في المكانين افراداً من طائفتهم استقروا هناك قبلهم بعضهم جاء خلال الحرب العالمية الأولى. ولقد رحب بالقادمين الجدد مما شجع الآخرين ليتبعوهم. بنت الطائفة سنة 1927 كنيسة في مدينة زحـلة، وتوسعت هذه بدورها سنة 1939 لتشمل مدرسة ومركزا للطائفة. وفي سنة 1939 بنى البطريرك “مار افرام برصوم” معهد مار أفرام اللاهوتي هناك. انتقلت هذه المؤسسة سنة 1945 إلى الموصل، التي كانت مركزاً مهماً للسريان الارثوذكس، ثم عاد إلى زحلة بعد الحرب العالمية الثانية، ثم انتقلت إلى موقعها الحالي سنة 1968 إلى قرية العطشانة قرب بكفيا في لبنان حيث حصلت الطائفة على ملكية أكثر من عشرة اكرات .

جلبت الحرب الأهلية سنة 1970 الحزن والألم لجميع سكان هذه الأرض التي كانت في أحد الأيـام سالمة وناجحة، وأعادت إلى الكبار في السن، سريان أويونان أو أرثوذكس، موارنة أو شيعة أو سنة، ذكريات الموت والعنف في الأيام المبكرة.

فعل الصدام أذاه في ذلك الحين “اعادنا إلى الوراء قرونا”، كلمات ممثّل البطريركية المارونية المطران أبو جودة. وكما في كل انفجار مماثل زرعت بذور جديدة تبادلت النضال والكفاح ورفعت إلى السطح ذكريات العداء والشك المتبادل .

ليس المكان هنا للخوض والتنقيب عن أسباب الخلفيّات المعقّدة للحرب في لبنان. ذلك الصدام لم يكن في الحقيقة حرب دينية، لسبب عقيدة أو تعاليم دينية معينة، فلقد كان هناك مسيحيون على جانبي الطرفين المتحاربين، وحتى الموارنة أنفسهم لم يكونوا متّحدين في نفس (الهدف أو في مساعي الحرب) ، ولم يكونوا وحدهم في بعض مطاليبهم. أما إسلام الدولة فلقد كانوا متّحدين في تحدّيهم للوضع الذي اعتبروه بنظـرهم ممثلاً للشخصية المارونية وسيادتها. انضم إلى الأكثرية الإسلامية في تحدّيها للوضع القديم الدروز، وكثير من المسيحيين، ويساريين من جميع الفئات والفلسطينيون .

كان من المحتّم أن الصـراع سيأخذ أبعاداً دينية بسبب التكتلات السياسية المكثفة، لا في الشعور العميق للإيمان الروحي بل في الإخلاص الشديد للطائفة الدينية. في الوقت الذي ناشد فيه القادة الروحيون، مع الحكومة اللبنانية ، الجانبين الوحدة ووعظوا بالتآلف والإنسجام، بدأ الصدام عندما قامت إحدى الفـرق الفدائية بالخطف وقطع الطرقات وأدّى هذا إلى قتل عشرات المسلمين والمسيحيين بمجرد إنتمائهم الديني المدوّن على بطاقة الهوية الخاصة بهم. قاد هذا الصراع الدامي إلى العداء الديني فدُنِست مساجد وكنائس وخلقت أجواء استغلت بسهولة من الرجعيين عند كلا الطرفين في داخل لبنان وخارجه. تحدث رجال الدين ابان خطبة الجمعة في دمشق على العمل لنجدة إخوانهم المسلمين اللبنانيين مما أضاف صدى الشعور الطائفي التي كانت الحكومة السورية تتحسس منه. أدى هذا النزاع إلى تحريك الشعور الطائفي في مصر، فنشرت إحدى الصحف في القاهرة صورة أحد أفراد حزب الكتائب اللبنانية، حاملا صليباً ضخماً على صدره، يحرس صفاً من السجناء المسلمين مصفوفين تجاه الحائط، قادت بعد يومين من نشرها وتوزيعها إلى تعكير العلاقات ما بين المسلمين والأقباط المسيحيين.
تابعت السلطات الإسرائيلية صراخ الاضطهاد المسيحي في لبنان بشكل رسمي وأشار وزير خارجيتها إلى أن مضـايقة المسيحيين تمّث على يد “الأكثرية الإسلامية المتعصّبة” وعبرّ عن دهشته على صمت “العالم المسيحي” إزاء ذلك.

من جهة كان لبنان قاعدة هامة للعمليات الفلسطينية ضد إسرائيل بعد تصفية القوات الفلسطينية في الأردن عام 1970-1971، ومن جهة أخرى قاعدة للهجمات الإسرائيلية الإنتقامية الغزيرة ضدّ القواعد الفدائية في القرى اللبنانية في الجنوب، كلّ هذا مهّد التقارب بين إسرائيل وبعض الأحزاب المارونية التي تلقّت الأسلحة والتدريب العسكري في إسرائيل وبالتالي شجعتهم على الأمل في أن الدولة اليهودية سوف تتدخّل للمحافظة على بقائهم كعنصر فعّال يتوق للانفصال السياسي عن دولة لبنان.

أعتمد الموارنة في تاريخهم الطويل على الحماية الأجنبية، وربما كان من الخطأ اختيار إسرائيل حليفاً لهم في هذا الوقت. فلقد أعربت المؤسّسة في “العالم المسيحي” والتي تعاطفت تاريخيا مع الموارنة – كنيسة روما- عن عدم موافقتها على الوحـدات القتالية المارونية وعلى أسفها للعلاقة القريبة مع إسرائيل خارج نطاق موضوع السلام الشامل: في ذروة القتال حذّر الفاتيكان قادة الوحدات المليشية المسيحية مـرارا عديدة من محاولة الانسحاب من لبنان مما سيعرّض للخطر وضع 15 مليون مسيحي في العالم العربي، لأنّ الإنفصال قد يـؤدي إلى خلق دولة جديدة في المنطقة غريبة كإسرائيل. عمّ الخوف أغلبية المسيحيون في كل مكان من الشرق الأوسط لأنّ تحالف الحزب الماروني مع إسرائيل قد يؤدي إلى عداء ضدّهم جميعا. هذا بالرغم من الحقيقة إنه في موضوع القضية العربية – الإسرائيلية ، أغلبية المسيحيون، ومنهم الذين من لبنان ذاته “يشجب الصهيونية بذات القوة التي يشجبها المسلمين” .

بعض المطالب الرئيسية للموارنة يتقاسمها كلاً من المسيحيين وبعض المسلمون اللبنانيون. “لبنان موحّد” ديموقراطي وتعدّدي سيلائم رغـبة جميع مسيحيي الدولة للمحافظة على الحريّة التي يتعلقون بها. أن صيغة المساواة القديمة أمام القانون دون اعتبار المذهب، أرضت المسيحيون وعزلت الإسلام، من الممكن استبدالها بصيغة جديدة، مدعومة من قبل المسيحيين المعتدلين بالإضافة إلى العرب والجماعة الدولية. في الوقت الذي كانت فيه الطوائف المسيحية الغير مارونية في لبنان غير متّحدة في رأيّها ولكنّها لم تكن ضدّ رؤية حزب الكتائب اللبنانية.

وجد السريان ، مثلهم مثل الأرمن، ملجأً لهم في “لبنان المسيحي” حيث أحسنت الدولة وفادتهم ولكنهم كانوا واعين في تاريخهم الحديث مدركين وضعهم كأقلّية، فضلوا الوقوف بعيدا عن القضايا السياسية.

ربما أكثر من أي شيء آخر، ما تريده الأغلبية في لبنان هو أن يظلّ وطنهم مستقل وذو سيادة، غير متشرّب بالعالم العربي ذو الأغلبية الإسلامية، وحيث الخوف من وضعهم كأقلّية غير مسلمة قد تتلون بالاضطهاد. بل الغاية إيجاد مركزاً اجتماعاً يتساوون به .
كتب إيليا بألم “بغض النظر عن العلاقة الجيدة بين الموارنة وقادة السنة اللبنانيين البـارزين ومع الأردن والسعودية” استمروا في الخوف من احتمال الوقوع في (محميين ولكنهم أقلية يعتنقون دينا من الدرجة الثانية يقع تحت الإسلام) . فالذي شاهدوه يحدث في منطقتهم لا يعكس روح العصر الحديث ولا يقدم إيديولوجية تركز على حقوق الإنسان والمساواة لا مبال في عقيدة أو خلفية عرقية.

Notes

1.Times, 20 Nov.1918. See also A. Attrep, ” ‘A State of Wretchedness and.; Impotence’: A British View of Istanbul and Turkey, 1919,”International Journal of Middle EastStudies, (Feb.1978): 1-9.

2.Article 64 of the Treaty provided for Kurdish “independence from Turkey,” if a majority of the Kurds desired it within one year from the coming into force of the Treaty, and if the League of Nations Council considered the Kurds capable of such independence. See text in J. C. Hurewitz, Diplomacy in the Near and Middle East; A Documentary Record (Princeton, N.J.:1956), 2:82.

3.As early as April 1918, the Kars province, ceded by Russia in 1878, was abandoned to the Ottoman troops. The Mudros Armistice allowed the Turkish troops to stay in the region of Kars unless it were decided that it too should be evacuated.

4.For details, see Richard G. Hovannisian, “The Armenian Occupation of Kars,1919,” in Recent Studies in Modern Armenian History (Cambridge, Mass.: National Association for Armenian Studies and Research, Inc.,1972), pp.23-44.

5.Ibid., p.38.

6.M.H. 116(1920)558; 118(1922)89; New York Times, 25 Feb.,29March, 13 April, 1921.

7.22 Nov.1919; 2 Dec.1919.

8.Review of the Civil Administration of Mesopotamia (London: Cmd. 1061, 1920), pp.67-70. The Kurds were assured, wrote Bell, that the British had no intention of pursuing a vindictive policy towards them.

9.A Turco-Armenian treaty was signed in December 1920 which was superseded by the Turkish-Russian Treaty of 1921, when the Republic of Armenia was taken by the Soviets. See S. J. Shaw and E. K. Shaw, History of the Ottoman Empire and Modern Turkey, 2:35&57.

10.New York Times 14 Nov.1921; 23 Dec.1921; M.H.116(1920): 540.

11.M.H. 118 (1922): 8-9, 89, 148 477-78. For a sympathetic account of these events by one who participated in relief work among the refugees, see Stanley E. Kerr, The Lions of Marash (Albany, N. Y.:l973).

12.Urfa, ancient Edessa, is the site of the Jacobite monastery of Mar Afram, which stood conspicuously at the head of the bay. Urfa was reported to have had only “Three or four Syro-Jacobite” families in the l96Os. See Xavier Jacob, “The Christians of South-East Turkey,” p.399.

13.”Ibn al-‘Ibri,” “al-Ta’ifah al-Suryaniyah,” pp.70, 115. See also Norman A. Homer, “Tur Abdin: A Christian Minority Struggles To Preserve Its Identity,” Occasional Bulletin of Missionary Research 2 (Oct. 1978): 134, where the author merely mentions the Syrian Orthodox as having “their own nationalistic ambitions.”

14.For a photograph of the delegation that attended the Peace Conference see Assyrian Star (Chicago), May-June, 1971, p.8. For Jacobite petitions to the peace conference, see F.O. 608, no.85, files 347~ and 3481(1919). Cf. Ibn al-‘Ibri, “al-TI’ifah al-Suryiniyah,” p. 71, emphasizing that the leaders of the Jac’obite community were convinced that only their own government could restore their denied rights; those who had immigrated to America, he adds, thought differently.

15.Ghrighuriyus Builus Bahnim, Nafahat al-Khizam Aw Hayat al-Batrak Afram (Mosul: 1959), pp.25-27, 193-94. See also Matti I. Moosa, “Kitab al-lu’lu’ al-Manthur, by Ignatius Aphram Barsoum, Syrian Patriarch of Antioch and all the East” (Ph.D. diss., Columbia University, 1965), p. vii.

16.Times, 14 Jan.1920.

17.Abdul Rahman Ghassemlou, Kurdistan and the Kurds (Prague: l%5), p. 50.

18.For a detailed discussion of the role of the Kurds in the border settlement controversy between Turkey and Iraq-the so-called Mosul question-see Joseph The Nestodans and Their Muslim Neighbors, pp.167-94. Cf. A. R. Ghassemlou, Kurdistan and the Kurds, pp.60-61. See also Times 22 March 1926.

19.New York Times, 26 Feb.1925; 19 April 1925; X, p.12. For a discussion of Kurdish opposition to the new regime, see Jweideh, pp.302 Ct seq.; Arfa, The Kurds, pp.33-38, 107-108; Derk Kinnane, The Kurds and Kurdistan, pp. l~l7; W. G. Elphinston, “Kurds and the Kurdish Question,” Journal of the Royal Central Asian Society 35(1948): 43.

20.New York Times, 9 April 1925.

21.In 1932 a law passed by the Ankara government enabled it to deport “hundreds of thousands” of Kurds into areas where they would “constitute 5% of the population.” Most probably the Turkish government was infuriated by the fact that the Kurdish nationalist organization, the khoybun, which organized the 1930 revolt, was under the “direct influence” of the Armenian extreme nationalist party of the Dashnak. See Ghassemlou, Kurdistan, pp. 53-55; Kinnane, Kurds, p.30-31; W. G. Elphinston, “The Kurdish Question,” International Affairs 22 (1946): 96. Cf Arfa, The Kurds p.31. (According to a New York Times report, Armenian and Kurdish representatives of the “Armenian Secret Army for the Liberataon of Armenia” and the “Kurdish Workers Party,” respectively, told a news conference on 7 April 1980 that Turkish Kurds and Armenians had for tbe first time formed an alliance to fight against the government of Turkey. See times, 8 April 1980, p. A42).

22.”lbn al-‘lbri,” “al-Ta’ifah al-Suryaniyah,” p. 116. For the proximity of the Jacobites and Kurdish tribes and villages to each other, see Mark Sykes, “The Kurdish Tribes of the Ottoman Empire,” pp.473.74.

23.The Brussels Line eventually became the recognized boundary line between Turkey and Iraq.

24.For details on these events, see League of Nations, “Report to the Council of the League of Nations by General F. Laidoner on the Situation in the Locality of the Provisional Line of the Frontier between Turkey and Irak fixed at Brussels on October 29, 1924, Mosul, November 23, 1925,” in Great Britain, Cmd. 2560 (1925); League of Nations, Turko-Irak Frontier, Memorandum on the Enquiry conducted . . . into the Deportation of Christians in the Neighbourhood of the Brussels Line, Mosul, November 12,1925,” in Great Britain, Cmd. 2563 (1925); A. 3. Toynbee, Survey of International Affairs, 1925, 1:19, 507-11,516 et seq. See also Time, II Dec., IS Dec., 1925.

25.Ilarry Charles Luke, Mosul and Its Minorities (London: 1925), p. 113. Luke gives the date of expulsion as “spring of 1924.” For a discussion of Turkey’s policy toward its Kurdish population after the 1930s, See Kinnane, Kurds, pp.31-34.

26.Turkish Dereici, a village of some two hundred families, between Mardin and Midyat.

27.See her Amurath to Amurath, pp.317-IS. For photographs of the church see Abrohom Nouro, My Tour in the Parishes of the Syrian Chutch in Syria and Lebanon, p.60/321.

28.Norman A. Homer, “Tur ‘Abdin: A Christian Minority Struggles To Preserve Its Identity,” p. 134.

29.Ibid.

30.Named after the forty Roman legionnaires who, according to the legend, were thrown into an ice-cold lake early in the fourth century when they would not renounce Christianity.

31.Homer, “Tur ‘Abdin”, p.136. Cf. Jacob, “The Christians of South-East Turkey,” p.401.

32.See Ilorner, “Tur ‘Abdin,” p.134; Bell, Amurath to Amuratth, p.314; C. Dauphin, “Situation actuelle des coinniunautes chretien nes du Tur ‘Abdin (Turquie Orien tale),” Proche- Orient Chretien(1972): 326; Nouro, My Tour, p.36/297.

33.Adrian Fortescue, The Lesser Eastern Churches, p.341; Gertrude L. Bell, “Churches and Monasteries of the Tur Abdin and the Neighbouring Districts,” Zeitschrift fur Geschichte der Architectur 9(1913): 5-6. Several of these monasteries, according to Bell, were scanty structures which most probably were intended for one or two persons. They were devoid of any decorative features, rudely built of undressed stones. Consult her Amurath to Amurath, pp.301-14, for a description of some of these convents “garrisoned by a single monk.”

34.Horner, “Tur Abdin,” p.137; Nuoro, My tour, p. 21/282;Ibn al-‘Ibri, “al-TI’ifah al-Suryiniyah,” p.125. For details on these and other monasteries as they were in the 19705, see Claudine Dauphin, “The Rediscovery of the Nestorian Churches of the Hakkari (South Eastern Turkey),” p.326.

35.See “al-Madrasah al-Iklirikiyah fi Dayr al-Za’faran,” M.B. I (1962): 485; ibid., 4 (1965)138.

36.See Nouro, My Tour, pp 35-36/28~97. See also pp.20-1.

37.Dauphin, “Rediscovery,” p.325; Horner, “Tur Abdin.” For more on Midyat, see p.104.

38.Only Armenian Catholics are mentioned by Father Xavier Jacob, who visited Mardin in the 19665. See his “Christians of South-East Turkey,” pp.399401; see also Dauphin, ibid., p.325.

39.M.H. 121 (1925): 105; 122 (1926): 338; 127 (1931): 489.

40.See pp.17-8; Jacob, “Christians,” p.325.

41.See M.B. 2 (1963): 21011; 6 (1967): 54; 11 (1973): 567-71, including photographs showing the Jacobite patriarch Ighnatiyus Ya’qub III visiting the “vali” of Istanbul and other Turkish dignitaries.

42.Horner, “Tur Abdin,” pp. l3~35; Dauphin,”Rediscover,” p.327. Claudine Dauphin, also a recent and well-informed visitor to Tur Abdin, found no trace of hostility between the two communities but confirms the fact that as a result of constant emigration, the Christians are “surrounded” more and more by Muslims.

43.Ibid., 135. See also Dauphin, ibid., John Krajcar, “Turkey: A Graveyard of Christianity,” World Mission 15 (Spring 1964): 64-72. Starting in the 19665, large numbers of Jacobites, mostly from the Tur Abdin region, have settled in southern Sweden, especially in the city of Sodertal1je. Their number was estimated at over 15,000 in the summer of 1980. (Information in letter to the author from Dr. Yusof Matti, dated 29 July 1980, from Jarfalla, Sweden.) For details on Christian workers, including the Syrian Orthodox, and refugees from Turkey in Europe, see Christian Minorities of Turkey, report produced by the Churches Committee on Migrant Workers in Europe (Brussels: 1979), pp.11-30 and passim.

44.John Hope Simpson, The Refugee Problem: Report of a Survey (London: 1939), p.556.

45.For a detailed account of the refugee and emigrant beginnings in the district, see ibid., pp.458 Ct seq.; Ibn al-‘lbri, “al-TI’ifah al-Suryiniyah,” pp.119-120. See also Robert Montagne, “Quelques Aspects du Peuplement de la Haute-Djezireh,” Bulletin d’Etudes Orientales (Damascus) 2 (1932): 53-66. The majority of the Jazirah’s Arab population was nomadic, often clashing with the Kurds, especially during the seasons when they brought their flocks close to Kurdish areas for grazing.

46.See pp.101-2.

47.Some of the Kurdish aghas lived on the Turkish side of the border; after the French occupation of Syria, a few of them had moved to the Syrian side. See Simpson, Refugee Problem, pp.458, 555; Elphinston, “Kurdish Question,” p.100; Andre Gilbert and Maurice Fevret, “La Djezireh syrienne etson Reveil economique,” Revue de geographie de Lyon 5 (1953): 9-1O; cf Ghassemlou, Kurdistan, p.82.

48.By 1940 close to 9,000 Assyrians from Iraq had been settled on the river Khabur in 32 different villages. They were transferred to Syria and there under the agency of the League of Nations with backing from England, France, and Iraq. Turkey had objected in 1936 to their settled on the Khabur on the Turko-Syrian frontier. See New York Times, 15 Now. 1936; Times, 25 March 1940; 10 April 1940; Gibert and Fevret, ibid., p.10; Bayard Dodge, “The Settlement of the Assyrians on the Khabur,” R. C A. S. J. 27 (1940): 301-320. By mid-1970 the Assyrian population of Syria, most of them in the Jazirah, was given by one informed source as 30,000, their Catholic brethren (the Chaldeans), as 9,000. See Xavier Jacob, “Die Christen im heutigen Syrien,” Stimmen der Zeit; Katholische mota~hfur dasgeistesleben der gegen wart 196 (1978): 345

49.Simpson, Refugee Problem, p.556. liourani gives another estimate for 1937, as follows: Arab Moslems, 41,900; Kurds, 81,450; Chnstians, 31,050; Assyrians, 8,000; others, 4,150. See his Syria and Lebanon: A Political Essay (London: 1946), p.141 n.

50.Iraq received its independence in 1932; the Franco-Syrian treaty negotiated in 1936 provided for Syrian independence in 1939.

51.See pp.9-10.

52.See Betts, “Christian Communities” pp. 7~7l. Betts notes that this pro-Western sentiment continued “to dominate the outlook of a majority of Christian Arabs;” see also Hourani, Syria and Lebanon, p.63.

53.Refugee Problem, pp. 55~57.

54.Ibid., p.556; Hourani, Syria and Lebanon, p.215.

55.Simpson, ibid., 556; Doreen Warriner, Land Reform and Development in the Middle East: A Study of Egypt, Syria, and Iraq (London 1962), p 87. Robert B. Betts speaks of a “massacre of Christians” at ‘Amuda which “initiated a strong movement for local autonomy. . .” Christians in the Arab East, pp.36-37, using Hourani’s Syria and Lebanon as his source Hourani, however, rightly attributed the autonomy movement to the fears of both the Kurds and Christians of Arab rule, and speaks of the Kurds starting the revolt of 1937, and of an “altercation” at ‘Amuda, when a number of Christians were killed.” Ibid., p.216; and pp 141,215. Consult also New York Times, 13 Aug. 1937, which speaks of pillaging of Christian shops and homes in ‘Amuda, attributing the revolt to Kurds fighting for autonomy.”

56.See New York Times, 12 Aug., 13 Aug.,1937; Simpson, Refugee Probim p.556.

57.Hourani, Syria and Lebanon, p.216.

58.Almost half of the Christians in Syria belong to the native church of Syria originally affiliated with Byzantium-the Greek Orthodox church and its offshoot, the Greek Catholic church. In the early 197Os, there were almost twice as many Greek Orthodox Arabs (202,000) as there were Greek Catholic Arabs (112,000). See Jacob, “Christen im heutigen Syrien,” p 344; for statistics on Syrian Christians, consult Betts, “Cliristian Com munities,” pp.102-3.

59.New York Times, 24 April 1938; Hourani, Syria and Lebanon, p. 216.

60.For a discussion of the reasons why the French government rejected the treaty and the deadlock that followed, see Hourani, ibid., pp.217-29. See also Times, 4 July, 1939.

61.Thousands of Armenian refugees were reported “pouring” into Syria and Lebanon on 25 July 1939 from the Sanjaq when Turkish troops took over from the withdrawing French. New York Times, 26 July 1939. For a detailed discussion of the cession to Turkey of the Sanjaq of Alexandretta, see Toynbee, Survey, 1938, 1:479-92.

62.Hourani, Syria and Lebanon, p.229; for the text of the decree setting up the administrative regime in al-Jazirah, see ibid., p.356.

63.For a discussion of the American mission schools and colleges in Anatolia, see pp. 81-2. See also Jacob, “Christen im heutigen Syrien,” p. 345, where he speaks of a community of about 19,000 Protestants in Syria, made up largely of Armenians and Jacobites.

64.Simpson, Refugee Problem, p.556. See also Armalah, Athar Faransa, pp. 2l~l2.

65.Norman N. Lewis, “The Frontier of Settlement in Syria,”International Affairs 31 (1955): 59-60; George Kirk, Survey of International Affairs 193~1946 (Oxford: 1952), pp. 88-89, 122-23, 178-82, 299; Martin W. Wilmington, The Middle East Supply Center (London: 1971), pp. 119-22.

66.Doreen Warriner, Land Reform and Development in the Middle East: A Study of Egypt, Syria, and Jraq, pp.74, 90-92.

67.As in the case of the British in Iraq, the French mandatory authorities assigned the ownership of tribal lands-usually state lands which the tribes traditionally occupied and used for their flocks-to the tribal shaykhs. The latter became the legal owners of large tracts of uncultivated land, their tribesmen receiving nothing, even losing their rights to graze on lands which were rented or sold. During the mandatory period, the French authorities were often accused by the Syrian nationalists of willfully; strengthening the bedoums as a force against the nationalist movement. Ibid., p.88; A. R. George, “The Nomands of Syria: End of a Culture?” Middle East International, April 1973, p. 21. For tribal land policies in Iraq, consult Philip W. Ireland, Iraq: A Study in Political Development New York: 1938), pp.93-95.

68.The merchant-farmers received from 45 to 60 percent of the crop on lands I where they supplied the water; as owners of tractors and combines as well as pumps, they commanded up to 85 percent of the output. See International Bank for Reconstruction and Development, The Economic Development of Syria (Baltimore, Md.: 1955), p.37. Gilbert and Fevret, “Djezireh syrienne,” pp.93-97.

69.It should be noted that traditionally the bedouins of Syria and Iraq have produced a large part of these countries’ wool as well as their meat and dairy products. See Norman N. Lewis, “The Frontier of Settlement in Syria, l80O-1950,” pp.59-60; George, “Nomads,” p.22; Warriner, Land Reform, pp.92-93; International Bank for Reconstruction and Development, Economic Development, p.292.

70.As late as the early l96Os foreigners were barred from entering the Jazirah without special government permission. See Gordon H. Torrey, Syrian Politics and the Military, J945-1958 (Columbus, 0. 1964), p.32; Wairiner, Land Reform, pp. 86, 88.

71.See Armalah, Athar Faransa, pp.212-13.

72.See Nouro, My Tour, pp.31-32/292-93, where the Jacobite author lists the major centers of his community in the Jazirah. Cf. “lbn al-‘Ibri,” “al-Ta ‘ifah al-Suryaniyah,” p.38.

73.David Nicolle, “The New Jazira,” Middle East Jnternational 28 (Oct. 1973): pp.26-28. See also Daily Star (Beirut), 6 July 1973.

74.Called the Diocese of Jazirah and Euphrates, the Syrian Catholics numbered approximately 7,000 in the I96Os and had seven churches, five II chapels, nine priests, one secondary school, and five elementary schools. See N.C.E., vol.13, p.904; Simpson, Refugee Problem, p.557, Homer, “Tur Abdin,” p.134; Armalah, Athar Faransa, pp.208-9.

75.See Betts, Christians in the Arab East, pp. 97-101. The prosperity of the region has attracted Muslim settlers from the other parts of the country, thus reducing the numerical importance of the Christian population. In the early sixties the government itself was helping farmers to move from the congested Hama region to the sparsely populated Jazirah where new villages were constructed for them. Warriner, Land Reform, p.226; Eva Garzouzi, “Land Reform in Syria,” Middle East Journal, 17 (1963): 83, 90; George, “Nomads,” p. 22. Kinnane Kurds, p. 44, speaks of the Syrian government’s intensified effort to Arabise the Jazira under the Ba’th.

76.See pp.37-8.

77.N.C.E., vol. 1, p. 286; vol. 13, p. 904. See also Jacob, “Christen im heutigen Syrien,” p.343.

78.The Ottoman provincial yearbook of 1908 gave the Jacobite and Syrian Catholic populations of the province of Aleppo as 1852 and 3130, respectively. Cited in Krikorian, Armenians p.82.

79.In 1974 a new Syrian Orthodox church, dedicated to “The Virgln,” was consecrated in Damascus. See M.B. 12 (1974): 240-42.

80.Damascus too has always been an important center of the Catholics of the Middle East, its most important community being the Greek Catholics (Malkites), with a population divided into fourteen parishes in the 196(ls, amounting to 14,000 people. Other Catholic sects during that decade included Maronites (2,000) and a small congregation of Armenian Catholics. See Hambye, “The ‘Syrian’ Quadrilateral,” p. 334; Jacob, “Christen im heutigen Syrien,” p.344.

81.N.C.E., vol.13, p.904.

82.Hims and Hama together form a diocese of both sister churches. Dependent on this Syrian Catholic bishopric are two well-known monasteries, one dedicated to Mir Musa (Saint Moses) the Ethiopian, whose original building, with frescoes of exquisite beauty, may go back to the seventh century or earlier; the other is named after Mar Yulayin (Julian). See Armalah, Athar Faransa, pp.134-36; Stephen Rahhal, “Some Notes on the West Syrians,” E. C. Q. 6 (1946): 379.

83-Jacob, “Christen im heutigen Syrien.” pp.343-46. For a statistical account of these communities during the 1960s, consult Betts, Christians in the Arab East, pp. 1003.