أذينة الثاني ملك تدمر
وساد تدمر النظام الروماني بعد أن سماها قيصر روما “أدريانا بالميرا” باسمه أدريانوس وكان أذينة يحكم تدمر بمساعدة مجلس للشيوخ . كان للملك العربي نفوذ واسع على المنطقة من الأناضول إلى الإسكندرية، وكان من بني “السميدع” وهي قبيلة بدوية ثرية، ولها نفوذ على عشائر البادية، وكان شيخهم أذينة بن حيران واسع المطامح. يحلم بعرش يصبح عليه ملكاً، طالما هو موضع ثقة الرومان
وكانت أول خطوة تحققت هي قرار القيصر بتعيينه رئيساً لمجلس الشيوخ، ولقد ساعده هذا المنصب لكي يوطد نفوذه على البادية ويعبئ صفوفها لتحقيق أمله بالتحرر من تبعيته للرومان، ابتداءً من إعلان شعبه بتسميته ملكاً على تدمر ولكن قيصر وقد أقلقه هذا القرار، دفع من قتله في قصره، وعين رئيساً لمجلس الشيوخ ابنه الأكبر خيران، وكان ابنه الأصغر يحمل لوالده حباً دفعه للتخطيط للانتقام لمقتله من الرومان. وكان هذا الابن مقرباً من أبيه ويحمل اسم أبيه أذينة الثاني، وقد تمتع بشخصية جذابة صارمة مما جعل البدو يلتفون حوله لتحقيق مشاريعه، ويهتفون لنجاحاته. ولقد بدا ولاؤهم وحبهم له عندما احتفل بزواجه وهو ابن السابعة عشر. ثم عندما ماتت زوجته الأولى إثر الولادة، وتركت له ابناً دعاه باسم هيرودوس
كانت شخصية أذينة وثروته كفيلتان بالسيطرة على أكثر القبائل، وكثيراً ما أعلن أذينة عن أهدافه البعيدة أمام هذه القبائل التي عاش بينها والتي كانت تهفو إلى ذلك اليوم الذي تصبح فيه تدمر حاضرة دولة واسعة، تضاهي وتتحدى الإمبراطورية الرومانية، التي قضت على أبيه وعلى مطامحه التي ورثها أذينة وحمل مسؤولية تحقيقها
وعندما تزوج أذينة من زنوبيا إبنة زباي قائد الفرسان، اقترن بنصير عنيد لا يقل عنه رغبةً في تحقيق أهدافه الجريئة والطموحة. كانت زنوبيا رائعة الجمال راجحة العقل والتفكير مثقفة. وكانت معرفة أذينة بها قبل زواجه سبباً لعودته إلى المدينة، يجالس فيها القادة والشيوخ ويتدخل في شؤون الحكم والحرب. ولكنه لم يكن قادراً على الا ستغناء عن البادية ورجاله فيها. وفجأة يموت أخوه رئيس مجلس الشيوخ، فاحتل أذينة مكان ابن أخيه “معني” معلناً عن عصر جديد سيقود تدمر إلى مصيرها في الذروة والحضيض
استغل أذينة حدثاًً هاماًً تم لإمبراطور روما فاليريان، الذي قاد الحرب ضد ملك الفرس، فخسرها وأخذ أسيراً، فقام أذينة بشن حرب ضد سابور ملك الفرس ربح فيها جولات ثلاث، مما أرغم سابور على الاحتماء وراء الأسوار، وعلى الرغم من شهرة أذينة كثائر متمرد على السلطة الرومانية، إلا أن انتصاره وقوته المفاجئة، دفعت روما إلى الاعتراف به شريكاً في الحكم على هذه المنطقة الواسعة، وأطلق عليه لقب “ملك الملوك”
كان أذينة طموحاً لا تكفيه حدود تدمر، ولذلك سعى منذ عام 265م إلى توسيع ملكه في أنحاء سوريا، معتمداً على جنده بعد أن أبعد الجنود الرومان من صفوفه وقد أصبحوا شوكة في كيان دولته بقيادة ابن أخيه “معنى”. ولكن عندما كان أذينة عائداً من إحدى حروبه في اللاذقية إلى حمص، وكان ابنه بصحبته، أحاط الثائرون عليه في مكان وليمته، وقضوا عليه وعلى ابنه وعلى حرسه أجمعين، وأعلن “معني ” نفسه ملكاً ، ولكن إلى وقت قصير فقد تألّب عليه أنصاره أنفسهم، وحاصروه وقتلوه بعد أشهر من حكمه. وكان على وهب اللات ابن أذينة أن يسترد عرش أبيه بدعم أمه زنوبيا التي أصبحت وصية على الملك القاصر